الإمام ناصر محمد اليماني
05 - 09 - 1431 هـ
15 - 08 - 2010 مـ
05:32 صباحاً
_________
( الردّ على صديق )
فلمَ المُبالغة في عبيد الله من الأنبياء والمرسلين؟ يا صديق لا تبالغ في الإمام المهديّ بغير الحقّ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلام على المرسَلين والحمد لله ربِّ العالمين..
يا صديق لا تُبالغ في الإمام المهديّ بغير الحقّ وبيانك (باين من عنوانه)، ونقتبس بفتواك ما يلي باللون الأحمر:
ويا رجل لقد جئتنا بهذا من إنجيل العهد القديم من قِبَل الشيطان المُزيّف، وما كان الإنجيل الذي تَنزَّل من عند الرحمن وكل ذلك تمهيد لفتنة المسيح الكذّاب والذي يريد أن يقول إنّه المسيح عيسى ابن مريم ويدّعي الربوبيّة، ويقول ما ليس له بحقّ، وما كان ذلك الشخص هو المسيح عيسى ابن مريم الحقّ بل هو المسيح الكذّاب الذي انتحل شخصيّة المسيح عيسى ابن مريم، وما كان ابن مريم، ولذلك يسمّى المسيح الكذاب، وما كان لابن مريم عليه الصلاة والسلام أن يقول ما ليس له بحقّ وناداه الله في يوم البعث الأول، وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿١١٦﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚوَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١١٨﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
ويا أيّها العضو صديق، كُن الصديق بالحقّ فلا تراوغ ولا تبالغ في المسيح عيسى ابن مريم وأمّه بغير الحقّ، وسبحان ربّي لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً، أم ليس مبالغةً بغير الحقّ فيما آتيتنا به من إنجيل العهد القديم الذي تمّ تحريفه وتزييفه؟ وممّا زيَّف شياطين البشر تلك السطور التي جئتنا به من إنجيل العهد القديم بما يلي:
فإذا كان خلقه الله من غير أب فكذلك خلق الله أمّنا حواء من غير أمٍّ، وكذلك خلق الله أبانا آدم من غير أبٍ ولا أمٍّ، فتلك أمثال لقدرة الله، وكذلك خلق الله ناقة نبيّ الله صالح من غير أبٍ ولا أمٍّ، وكذلك خلق الله ثعبان موسى من غير أبٍ ولا أمٍّ، وتلك أمثال قدرة الله المطلقة إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون؛ بل فله سبحانه في بداية كلّ شيءٍ يَدِبُّ أو يطير آيةٌ لقدرته وأضرب لكم على ذلك مثلاً في أب البقر أو الغنم أو الإبل أو آباء أنواع الطيور أو آباء أنواع الحيوانات، فكذلك مثلهم كمثل آدم عليه السلام في طريق الخلق خلقهم بكن فيكون، وخلق من الذكور أزواجهم ومن ثمّ تمّ التناسل والإنجاب، وضرب الله لنا في كل شيء مثلاً لقدرته.
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [الروم]. ويا رجل فلِمَ المبالغة في خلق المسيح عيسى ابن مريم - عليه وعلى أمّه الصلاة والسلام - حتى قالوا ولد الله؟ سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً!
وها هو الإمام المهديّ المنتظَر قد ابتعثه الله في القدر المقدور في الكتاب المسطور الذي اختصّه الله بتعريف اسم الله الأعظم (سبحانه) فيُعلّم الناس بيانه في الكتاب ليدعو الناس أن يعبدوا الله كما ينبغي أن يُعبد، وبرغم أنّ الله جعل الإمام المهديّ إماماً للأنبياء وأمر الله رسوله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلّم ألّا يكون إلا من الصالحين التابعين للإمام المهديّ، وبرغم تكريم الله لعبده وخليفته الإمام المهديّ فلن تجدوا أنّ الإمام المهديّ يأمركم أن تُبالغوا في شأنه بغير الحقّ؛ بل يقول لكم إنّما أنا بشر مثلكم ولست إلا أحد عبيد الله الصالحين، ولكم في الله من الحقّ ما لعبده الإمام المهديّ، ويدعو كافة العبيد إلى التنافس جميعاً إلى الربّ المعبود أيُّنا أحبّ وأقرب، ولكنّ المشركين بالله من النّصارى والمسلمين واليهود سيقولون: "هيهات هيهات، فكيف تريدنا يا ناصر محمد اليماني أن ننافس أنبياء الله ورسله صفوة خلقه الذين فضّلهم الله علينا؟ فكيف ينبغي لنا أن ننافسهم في حب الله وقربه؟ فإنّك من الضالين المُضلين". ومن ثمّ يردُّ عليهم الإمام المهديّ وأقول: فهل الرّسل والأنبياء أولاد الله سبحانه؟ وقال الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111].
فإذا جئتم بالبرهان المبين من محكم القرآن العظيم فسوف أكون أوّل العابدين لأولاد الله سبحانه، تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴿٨١﴾ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
إذًا لا يُعبد إلا الله، أو ولد الله إن كان له ولد! سبحانه لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً! وجميع من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـٰنُ وُدًّا ﴿٩٦﴾ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴿٩٧﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾} صدق الله العظيم [مريم].
فلِمَ المُبالغة في عبيد الله من الأنبياء والمرسَلين وسبب ضلال أهل الكتاب هي المبالغة في أنبيائهم وأئِمّتهم؟ وقال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [التوبة].
ولكنّ الله صاحب الكلمة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) قد جعل الحقّ فيه لعبيده سواء، ولذلك فإنّ الحقّ في الله لأنبيائه ورسله كمثل الحقّ للصالحين التابعين فلهم ذات الحقّ في ربّهم، فجميع العبيد حقّهم سواء في الربّ المعبود، ولذلك قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
وإنّما ابتعث الله الرسل والأنبياء ليدعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويأمرون عباد الله أن يقتدوا بهداهم، ولكن للأسف لم يفطن كثيرٌ من المؤمنين كيف يقتدوا بهدى رسل ربّهم، ويفتيهم الإمام المهديّ إنّ الاقتداء بهدى الأنبياء هو أن تعبدوا الله وحده لا شريك له فتُنافِسوا أنبياء الله ورسله في حبِّ الله وقربه.
وسؤال المهديّ المنتظَر إلى علماء الأمّة عن البيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿٨٣﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٤﴾ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴿٨٥﴾ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٨٦﴾ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٨٧﴾ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٨٨﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ﴿٨٩﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ﴿٩٠﴾} صدق الله العظيم [الأنعام]، وموضع السؤال بالضبط هو في قول الله تعالى: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} صدق الله العظيم؛ فهل وجدتم أنّ محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم اقتدى بهداهم ومن ثم يعتقد أنّه لا ينبغي له أن يُنافس أنبياء الله الذين من قبله إلى الربّ المعبود لأنّ الله أمرهم أن يقتدي بهديهم؟ هيهات هيهات ولكنّه يعلم المقصود بقول الله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أنّ الله يقصد أن يعبد الله وحده لا شريك له فينافسهم في حبّ الله وقربه أيُّهم أحبّ وأقرب، فتلك هي العبادة الحقّ لربِّهم لن تجدوهم يبالغون في بعضهم بعضاً بغير الحقّ فهم يعلمون أن لكافة العبيد الحقّ في الربّ المعبود ولذلك تجدون أن هداهم هو تنافس العبيد إلى الربّ المعبود أيُّهم أحبّ وأقرب إلى الربّ، فإذا كثيرٌ من التابعين يبالغون فيهم بغير الحقّ ويدعونهم من دون الله وينتظرون شفاعتهم لهم بين يدي ربهم، ويا سبحان ربيّ! ولكنّ الله بيّن لكم في محكم كتابه ناموس الهدى الذي ابتعث به كافة أنبيائه ورسله هو أن يعبدوا الله وحده لا شريك له فيتنافسوا في حبّه وقربه أيُّهم أحبّ إلى الربّ وأقرب فذلك هو ناموس الهدى الذي ابتعث الله به المرسَلين، وقال الله تعالى: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
ألا والله لو يُلقي الإمام المهديّ بسؤالٍ إلى كافّة علماء المسلمين ويقول: فهل اقتديّتم بهدى محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ لقالوا جميعاً: "اللهم نعم، فكيف لا نقتدي بهَدي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فنعبد الله وحده لا شريك له"! ومن ثمّ يُلقي إليهم المهديّ المنتظَر بسؤال آخر وأقول: فهل تعتقدون أنّه يحقّ لكم أن تنافسوا محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في حب الله وقربه؟ لقالوا جميعاً وبلسانٍ واحدٍ: "هيهات هيهات أيّها الضال المُضِل عن الصراط المستقيم، فكيف تريدنا أن ننافسَ رسول الله إلى الناس أجمعين في حبّ الله وقربه؟ بل هو خاتم الأنبياء والمرسَلين هو أولى أن يكون هو الأحبّ إلى الله والأقرب فلا ينبغي لنا أن ننافس محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في حُبّ الله وقربه". ومن ثم أقول: صدق الله العظيم الذي قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾} [يوسف]، ألا والله ما أمركم أنبياء الله ورُسله إلا بما أمرهم الله به أن تعبدوا الله جميعاً أنتم وهم فتقتدوا بهديهم فتتنافسوا (جميع العبيد) إلى الربّ المعبود أيُّهم أحبّ وأقرب، فذلك هو ناموس عبادتهم الحقّ كما أفتاكم الله عن ناموس عبادتهم الحقّ في محكم كتابه: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
ولكنّكم حرّمتم الوسيلة على أنفسكم وجعلتموها حصريّاً لأنبيائكم فتسألوها لهم من دونكم كما يسألها المسلمون لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - عند إقامة كل صلاة، ولن تجدوهم يسألونها لأنفسهم لأنّهم يرون أنّه لا يحقّ لهم أن يبتغوا إلى ربّهم الوسيلة أيُّهم أحبّ وأقرب من أنبياء الله ورسله ونسوا أمر الله إليهم في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} صدق الله العظيم [المائدة:35].
وإنّما الوسيلة هي إلى الله الربّ المعبود تحقّ لجميع العبيد، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57]. فلِمَ يا معشر علماء المسلمين تجعلون الوسيلة إلى الله هي لمحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من دونكم، فهل ترون أنّ له الحقّ في الله أكثر منكم؟ ولكنّه ليس ولداً لله سبحانه وتعالى علوّا كبيراً! وإنّما أنبياء الله ليس إلا من ضمن عبيد الله أمثالكم ويحقّ لكم في الربّ المعبود ما يحقّ لهم، ولذلك أمر الله محمداً عبده ورسوله أن يصبر نفسه مع المتنافسين إلى الربّ المعبود الذين استجابوا لدعوة الحقّ من ربّهم، وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
وذلك لأنّ ليس لنبيِّ الله وعبدِه الحقّ أكثر من عبيد الله التابعين، وليس للإنسان إلا ما سعى في هذه الحياة الدنيا، تصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ ﴿٣٣﴾ وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ ﴿٣٤﴾ أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ ﴿٣٥﴾ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ﴿٣٦﴾ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ﴿٣٧﴾ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴿٣٨﴾ وَأَنَّ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [النجم].
ويا أيّها الناس إنّي الإمام المهديّ خليفة الله الأكبر ولا ينبغي لي أن أقول ما ليس لي بحقٍّ مهما كرّمني ربّي، فما أنا إلا عبد من عبيد الله مثلكم ولكم الحقّ في الله ما للإمام المهديّ خليفة الله عليكم، فمن صدّقني ومن ثم أبى أن ينافسني في حبّ الله وقربه فقد بالغ في الإمام المهديّ وضلّ عن سواء السبيل فأصبح من المشركين من الذين قال الله عنهم في محكم كتابه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
ومن ثم ألقى الله في يوم الجمع للأنبياء والذين بالغوا فيهم بغير الحقّ فتركوا الوسيلة والتنافس إلى الله حصريّاً لهم وانتظروا شفاعتهم لهم بين يدي ربهم، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
ونظر الذين بالغوا إلى عبيد الله المُبالَغ فيهم بغير الحقّ وقالوا: {قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [النحل]، بمعنى أنّ عباد الله المُكرّمون كفروا بعبادتهم لهم بغير الحقّ وكانوا عليهم ضدّاً، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ﴿٨١﴾ كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [مريم].
وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾}صدق الله العظيم، وأما آخرون من المشركين بربهم فإنّهم يعبدون الشياطين، وقال الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
ولكنّ الشياطين يقولون لهم أنّهم ملائكة الرحمن المُقرّبون فيأمرونهم بالسجود لهم بين أيديهم قربةً إلى ربّهم، ومن ثمّ سألهم الله ما كنتم تعبدون من دون الله؟ فأخبروه أنّهم يعبدون ملائكته المقرّبين قربةً إلى ربّهم، ومن ثم ألقى الله بالسؤال إلى ملائكته، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٤٠﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
وأما عَبَدة الأصنام الذين لا يعلمون بسرّ عبادتهم لهم برغم أنّها تماثيل لعباد الله المقربين الذين علِم الناس كراماتهم في الدنيا فيضل السر لعبادة الأصنام جيلاً بعد جيل حتى عبدها ذريّاتهم من بعدهم وهم لا يعلمون عن سرّ عبادتها وإنّما وجدوا آباءهم كذلك يفعلون فاتّبعوهم الاتّباع الأعمى، وسألهم أنبياء الله عن سرّ عبادتهم للأصنام فردّوا عليهم وقالوا: {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾} [الأنبياء].
بمعنى أنّهم لا يعلمون عن سرّ عبادتهم لها ولذلك: {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾} [الشعراء].
ومن ثم تدعوهم رُسل ربّهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وما كان ردّهم إلا أن قالوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [لقمان:21].
برغم أنّهم لا يعلمون السرّ لعبادة آبائهم لتلك الأصنام ولذلك فهم يعبدون الأصنام، وقال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
وبما أنّ الذين يعبدون الأصنام من دون الله لن يروا الأصنام يوم القيامة كون الله لم يبعثها لكونها لم تكن مخلوقاً ولذلك لن يجدوها في أرض المحشر واكتشفوا سرّ آبائهم لعبادتهم لها بأنّها كانت تماثيل صور لعباد الله المكرّمين، ولكنّ الله ألقى بالسؤال إلى الذين يعبدون الأصنام وهم لا يعلمون عن سرّ عبادتها من قبل، وقال الله تعالى: {مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّـهُ الْكَافِرِينَ ﴿٧٤﴾} صدق الله العظيم [غافر].
ومن ثم ألقوا باللوم على آبائهم الذين وجدوهم من قبلهم يعبدون الأصنام، وقالوا: {رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} [القصص:63]، ومن ثم ردَّ عليهم آباؤهم وقالوا: {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [القصص:63].
وأفتوا آباؤهم عن سرّ عبادة الأصنام أنّهم صنعوها تماثيل لصور عباد الله المكرمين، ولكنّ عباد الله المكرمين ألقوا بالجواب وقالوا: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ۖ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿٦٣﴾} [القصص]. بمعنى أنّهم لم يكونوا يعلمون أنّ أتباعهم بالغوا فيهم بغير الحقّ من بعد مماتهم، وقال الله تعالى: {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿٢٩﴾ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ ۚ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۖوَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [يونس].
إذاً يا أُمَّة الإسلام يا حُجّاج بيت الله الحرام لِمَ تبالغون في محمدٍ رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وتذرون له الوسيلة وتنافس الوسيلة له من دونكم وتنتظرون شفاعته لكم بين يدي الله؟ فهل هو أرحم بكم من الله أرحم الراحمين؟ ألا والله الذي لا إله غيره لا يتجرّأ على الشفاعة بين يدي الله عبدٌ كان في السماوات أو في الأرض من الجنّ والإنس ومن كل جنسٍ، ولا ينبغي لعبدٍ أن يتجرّأ للشفاعة بين يدي الربّ المعبود، فمن ذا الذي يتجرّأ أن يحاجّ الله في عباده؟ وقال الله تعالى: {هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴿١٠٩﴾} صدق الله العظيم [النساء].
ويا قوم ذروا المبالغة في عبيد الله من الأنبياء والمرسَلين وإنّما هم عبيدٌ لله أمثالكم فلا تنتظرون شفاعتهم لكم بين يدَي من هو أرحم بكم من عبيده، وقال الله تعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖوَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [فاطر].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٩٤﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
ولكنّ أعداء الله يفترون بأحاديث تُكذّب محكم كتاب الله القرآن العظيم كمثل هذا الحديث المُفترى:
ولئن سألت المشركين من الشيعة لِمَ تتوسّلون بقبور الأئمة من آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ لقالوا: "احترم نفسك فنحن نعبد الله الواحد القهار ونتوسّل ونتوجّه لمحمد وآل محمد لأنّهم الأقرب". انتهى. ومن ثم نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد أشركتم يا من تبالغون في أئمّة آل البيت فتدعونهم من دون الله كما أشرك الذين من قبلكم وما كان حجتهم إلا أن قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَى}، وقال الله تعالى: {أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴿٣﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
ويا معشر علماء الإسلام وأمّتهم إنّي الإمام المهديّ المنتظَر ومَن أظلم ممّن افترى على الله كذباً ولعنةُ الله على الكاذبين، فلم يجعلني الله من الجاهلين وأظلم الناس من افترى على الله كذباً، وقال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا} صدق الله العظيم [الأعراف:37].
فاتّبعوني فإذا لم أكن المهديّ المنتظَر فعليَّ كذبي ولن يحاسبكم الله أنتم لو اتّبعتم ولم أكن المهديّ المنتظَر، تصديقاً لناموس الدُّعاة إلى الله: {وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر:28].
وإنّما سوف يحاسبكم لو أنّكم اتّبعتم الاتّباع الأعمى بغير علمٍ من الله، ولكنّ الإمام المهديّ يحاجّكم بكلام الله ويفصّل لكم القرآن تفصيلاً منقطع النظير ممّا علّمني الحكيم الخبير بوحي التفهيم وليس وسوسة شيطان رجيم؛ بل يلهمني ربّي بسلطان البيان للقرآن من ذات القرآن وليس مجرد تفسير كمثل تفاسيركم الظنّية التي لا تغني من الحقّ شيئاً؛ بل بيان ناصر محمد اليماني هو قرآن محكم يأتيكم به من ذات القرآن آيات بيّنات لعالمكم وجاهلكم لكلّ ذي لسان عربيّ منكم، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
فتلك الآيات هي حُجّتي عليكم بالحقّ، فما هي حُجّتكم على الإمام ناصر محمد اليماني؟ وقال الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]. فهل تظنّون أنّ البرهان من عند أنفسكم؟ بل البرهان شرطه أن يكون من عند الرحمن تأتون به من محكم القرآن، تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
ويا علماء الإسلام وأمّتهم، ما كان للإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربِّكم أن يأتي متحيّزاً إلى طائفةٍ من شيعكم، وما ينبغي له أن يقول على الله بالظنّ أمثالكم؛ بل جعله الله حَكماً بالحقّ بينكم في ما كنتم فيه تختلفون في دينكم، فتجدون أنّه يهيمن عليكم بسلطان العلم الذي لا يحتمل الشك لأنّه يأتيكم به من محكم القرآن العظيم المحفوظ من التحريف ذِكركم وذِكر مَن قبلكم فاتّبعوا ذِكر الله إليكم إن كنتم تخشون عذاب الله، تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [يس].
ولم نأمركم بالكفر بأحاديث البيان في سُنّة محمدٍ رسول الله الحقّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنّما نأمركم بالكفر بما خالف منها لمحكم القرآن إن كنتم تعقلون؛ ذلك لأنّ القرآن جعله الله هو المرجع للسُّنّة النبويّة وللتوراة والإنجيل ومهيمن عليهم جميعاً، فما خالف لمحكم القرآن فاكفروا به سواء كان في التوراة أو في الإنجيل أو في أحاديث السُّنّة النبويّة إن كنتم تعقلون، فبأيّ حديث بعده يؤمنون؟
وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين ..
خليفة الله وعبده الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
________________