الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 06 - 1428 هـ
07 - 07 - 2007 مـ
12:32 صـباحاً
ـــــــــــــــــــــــ
الرد على الأخت أمّة الرحمن: فلا تربطي إيمانكِ بأمري بإيمان الناس فتكوني إمعةً إن أحسن الناس أحسنتِ وإن أساءوا أسأتِ ..
أختي أمة الرحمن، وأرجو من الله أن تكوني حقاً (حبيبة الرحمن) كما تُسمين نفسكِ، ولسوف أُعلمك بشيءٍ فتعلمين من خلاله هل أنتِ حبيبة الرحمن حقاً؟ أي هل الله يُحبّك؟ فإن كنتِ تحبين الله فاتبعي الحقّ يحببكِ الله ويغفر لك ذنوبكِ ويقبل عملكِ ويصلح بالكِ ولا تتّبعي السُّبل فتفرّق بك عن السبيل الحقّ والحقّ واحدٌ وطريق الحقّ واحدٌ، فهل بعد الحقّ إلا الضلال؟ وأنصحك أن لا تربطي إيمانك بأمري حتى إذا صدّقني علماء الأمّة ولم يجعل الله حُجته عليكِ بأنكِ لا تُصدقين بالحقّ حتى تنظري هل صدقني الكثير وكذبني القليل، بل دائما الحقّ لا يُصدقهُ بادئ الرأي إلا القليل صفوة من عباد الله الأخيار، والكثير من الناس يكونون مُنكرين للحقّ حين يأتيهم. وقال الله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} صدق الله العظيم [الأنعام:116].
فلا تربطي إيمانكِ بأمري بإيمان الناس فتكوني إمّعةً إن أحسن الناس أحسنتِ وإن أساءوا أسأتِ فلن يُغنوا عنكِ من الله شيئاً؛ بل كوني من أولي الألباب الذين قال الله عنهم: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:18].
ومن خلال هذه الآية تعلمين بأنّ الله يدعوكِ أن تستخدمي عقلك فتكونين من الباحثين عن الحقيقة فتنظرين إلى بيان ناصر اليماني الذي يقول بأنّه هو المهديّ المنتظَر وتنظرين إلى بيان القُرآن من أصحاب التفاسير بالظنّ اجتهاداً منهم ومن ثم يقول: "هذا والله أعلمُ قد أكون مُخطئاً وقد أكون مُصيباً". فأقول: سبحان الله! وهل تعلم بأنك حين تقول إن تأويل هذه الآية كذا وكذا بأنك تُنبئ الناس بالمعنى لكلام الله والمقصود في نفس الله من قوله؟ فإذا لم يكن ذلك في نفس الله فقد أصبحت تقول على الله غير الحق، فما هو موقفك بين يدي الله أيها العالم الذي يقول على الله ما لا يعلم؟ وأُحذِّر جميع عُلماء المُسلمين من تأويل كلام الله بالّظن والاجتهاد وذلك من أمر الشيطان وليس من أمر الرحمن. وقال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿168﴾إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿169﴾} [البقرة].
بل حُرّم ذلك على المؤمنين. وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحقّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].
فلو تنظرين يا أمة الرحمن بين البيان للقُرآن ذي البُرهان والسلطان من نفس القُرآن وبين البيان للقرآن بالظنّ والاجتهاد الذي ما أنزل الله به من سُلطان فلسوف تجدين بأنّ الفرق كما الفرق بين الحقّ والباطل ويُدرك ذلك أهل اللُب والبصيرة الذين يتدبرون آيات ربهم، أما أن يذكركِ أحد علماء الأمّة بتأويل آية ما في القُرآن العظيم فتَخُرِّي لهذا التأويل الذي لم يأتِ لهُ المُفسر بالبرهان الواضح والبين من القُرآن فإذا كنتِ طالبة علم فسوف يضلك هذا المُفسر عن الصراط المُستقيم، بل أمرك الله أن لا تَخرّي إلا للحقّ حتى تدعي إلى سبيل ربك على علمٍ وبصيرةٍ فلا تكوني عمياء فتتبعي التفسير من غير تفكيرٍ فيضلك عن سبيل الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان:73].
بل انظري هل هذا التأويل حقّ وله بُرهان واضح من القرآن أم أنّهُ قولٌ بالظنّ؟ فاعلمي بأنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحقّ شيئاً} صدق الله العظيم [يونس:36].
وقد يودّ أحدٌ أن يُقاطعني فيقول: "إن الله يُخاطب الكفار بقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}". فنقول: كلا إنما يُخاطب من آمن بالله فيذكِّرهم بما حرّم الله عليهم، ولا أجد في القرآن العظيم بأنّ الخَرَّ هو الكُفر؛ بل هو السجود، ويُخاطب بالذات علماء الأمّة أن لا يخرّوا للتفاسير فيعلِّمون بها المُسلمين وعامتهم ظناً منهم أنه تفسيرٌ حقٌّ.
ولكن وهل إذا كان باطلاً أيها العالم فإنك تُعلم الناس باطلاً وليس الحقّ بسبب أنك خَرَرْت لتفسيرٍ بدون تفكيرٍ وكأنّ ذلك المُفسر لا ينطقُ عن الهوى وما قاله حقّ؟ كلا فلا تكون أعمى أصمّاً فلا تستخدم عقلك؛ هل لهذا التأويل برهانٌ واضحٌ من القُرآن حتى أعلمُ الناس به أم أنهُ معدوم البُرهان والسُلطان؟ وهنا تعلم بأنه من أمر الشيطان أن تقول على الله ما لا تعلم فتجتنبه.
وتدبروا قول الله تعالى مرةً أخرى تجدوه يُخاطبكم أنتم يا معشر المؤمنين. قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحقّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴿68﴾يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿69﴾إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿70﴾وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴿71﴾وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴿72﴾وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴿73﴾وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴿74﴾أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴿75﴾خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿76﴾قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴿77﴾} صدق الله العظيم [الفرقان]، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
وأما سؤال أمة الرحمن: لماذا لا أظهر لعلماء الأمّة للحوار فألجمهم؟ والجواب على أختي الطيبة المُباركة الباحثة عن الحقيقة، وقالت: أريد أن أعلم، فنقول لها قول الله {ن وَالْقَلَمِ} وأنا {ن} أدعو الناس بالقلم قبل الظهور وليس بالتكليم المُباشر حتى إذا صدّقوا بأمري ظهرتُ لهم للمُبايعة عند الرُكن اليماني، أم تظنين بأنّ المهديّ يظهر للناس عند الرُكن اليماني فيقول: أنا المهدي فيقولون على الرحب والسعة فيقومون لمُبايعته! بل سوف ينقضون عليه ليبسطوه أرضاً فيقيه الله ما مكروا ثم يُدمرهم تدميراً، إذاً الحكمة ما ترين بأني أفعله؛ أخاطبهم عبر هذا الجهاز العالميّ وتلقّيتُ ذلك الأمر من ربّي في رؤيا، والرؤيا يخُص حُكمها صاحبَها ولا يُبنى عليها حُكمٌ شرعيٌّ للمُسلمين لأنّ فلان رأى رؤيا وكفى بالمرء أن يوعظ في منامه، ولا ينبغي لي الظهور إلا عند الرُكن اليماني إلا في حالةٍ واحدةٍ، إذا أحد زُعماء الأمّة قال اظهر لاستلام الراية فلا ينبغي لي الاختفاء حتى ولو كان يكذب علينا ويريد لي السوء فما يدريني بصدقه وكذبه ولكني أعلم الحقّ لقوله تعالى: {وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال:62].
وأما استغرابكِ من علماء الأمّة لماذا هم صامتون من الذين اطّلعوا على أمري في المُنتديات الإسلاميّة فلا هم كذّبوا ولا هم صدّقوا فاسأليهم هم لعلهم يأتونكِ بالجواب فنستفيد ونعلم ما السبب! وليست المُغامرة لمن اتّبع الداعي إلى الصراط المُستقيم بعلم وهُدًى وكتاب مُنير؛ بل المُغامرة لمن اتّبع الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، فإذا كان باطلاً فقد هوى وإذا كان حقاً فقد نجى، إذاً هذه هي المُغامرة وليس دخولكِ مُوقعنا مُغامرةً بل باحثةً عن الحقيقة واستمعي القول واتّبعي أحسنه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكِ الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــ