الإمام ناصر محمد اليماني
02 - 12 - 1430 هـ
19 - 11 - 2009 مـ
12:17 صــباحاً
ـــــــــــــــــــــ
الردُّ بالحقِّ؛ حقيقٌ لا أقول على الله إلا الحقّ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسَلين والحمدُ للهِ ربِّ العالمين ..
وإليك فتوى المهديّ المنتظَر بالبيان المختصر عن يوم وشهر وسنة كوكب النصر حسب أسرار الحساب في محكم الكتاب بالقول الصواب ذكرى إلى أولي الألباب؛ فأمّا طول يومه فهو ( اثنا عشرة سنة )، وأما طول شهره فهو ( اثنا عشرة سنة )، وأما طول سنته فهي ( اثنا عشرة سنة ).
ألا والله لو كنت أعلم أنّني إذا بيّنت لهم يوم البطشة الأولى أنّ المسلمين سوف يؤمنون قبل مجيء ذلك اليوم لفصّلت لهم هذا الحساب من محكم الكتاب تفصيلاً ولكنّهم سيُنظِرون إيمانهُم بالمهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّهم حتى يأتي مِيقات اليوم المعلوم لينظروا هل سوف يُصيبهم العذاب؟ ثم يرد عليهم المهديّ المنتظَر بقول الله من محكم الذكر: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
وقال الله تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖأَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فهل تدري يا حبيبي وأخي الكريم أبو محمد الكعبي وجميع أحبابي الأنصار السابقين الأخيار لماذا سوف يُنظِرون إيمانهُم بالبيان الحَقّ للذِّكر حتى وقوع الحدث؟ وذلك لأنّهم لا يعقلون، وتشابهت قلوب الذين يُنظِرون التصديق والاتّباع للحقّ من ربّهم حتى وقوع الحدث مع قلوب الكفار بالذكر: {وَإِذْ قَالُوا اللَّـهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].
ولذلك ردَّ الله عليهم{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ويا أُمّة الإسلام، يا حُجّاج بيت اللهِ الحرام، والله العظيم إنّ الذين يربطون اتّباع الحقّ إلى أن يروا آية التصديق بأساً من الله شديد أنّهم لا يعقلون، ولكنّي المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم أنصحكم بما هو خير لكم أن تقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحَقّ مِن عندك فإنّنا إليك نتبتّل تبتيلاً بالدّعاء أن تُرينا الحَقّ حقاً فتُبصرنا بالبرهان للبيان الذي يحاجُّنا به هذا الإنسان من مُحكم القرآن فإنّنا بِكتابك القرآن العظيم مؤمنون وبهِ مستمسكون فاهدِنا بالقرآن العظيم إلى الصراط المستقيم ولا تجعله عمًى على قلوبِنا، فلا تعمي أبصارنا ولا تصُمّ أسماعَنا عن الحَقّ برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إن علمت أنّ عبدك يريد الحقّ ولا غير الحقّ، اللهم فعبدك يحاجّك بوعدك الحقّ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].
اللهم فاهدِ عبدك وأُمّتك إلى الحَقّ وبصّرهُم بِه حتى تقرّه عقولهم وتطمئن إليه قلوبهم برحمتك يا أرحم الراحمين إنّك قلت وقولك الحقّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} صدق اللهُ العظيم [البقرة:186].
ثم وعدتنا بِالإجابة في قولك الحقّ: {وَقَالَ ربّكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} صدق الله العظيم [غافر:60].
ويا أيها الناس أجمعين، إن كنتم تريدون أن تهتدوا إلى صراط العزيز الحميد فاتّبعوا القرآن المجيد تصديقاً لقول الله تعالى: {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿١﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].
فهل وجدتُم المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني يدعوكم إلى غير صراط العزيز الحميد؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:111]. فهل تعلمون إلهاً غير الله يستحقّ عِبادَتكم؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، فقد احتجَّ عليكم أحد الأمم من غير البشر وهو حقيرٌ صغير في نظر البشر ولكنّه ذو لُبٍٍّ وفكر وقال: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [النمل].
فمن قال هذا القول الحَقّ العظيم إنّه ليس من أمم البشر؛ بل من أمم الطير! وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٥﴾ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴿١٦﴾ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجنّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿١٧﴾ حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٨﴾ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴿١٩﴾ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ﴿٢٠﴾ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٢١﴾ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾ ۞} صدق الله العظيم [النمل].
فبالله عليكم يا معشر البشر المُعرضين عن اتِّباع الذِّكر انظروا إلى احتقار هذا الطائر لعقول البشر الذين يعبدون غير الله من خلقه وقال: {فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾ ۞} صدق الله العظيم، فكم أحببتُك في الله أيّها الطير الكريم! فانظروا لتعريفه لربّه: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾ ۞} صدق الله العظيم.
يا أيّها الناس اتّقوا الله واعبدوا الله كما يعبده كثير من الأمم غير البشر، ولكنّ أمم الجنّ والبشر قليلٌ منهم الشّكور، فاتّقوا الله ربّ العالمين واتّبعوا ذِكره القرآن العظيم إلى الإنس والجنّ أجمعين، رسالة الله الشاملة القرآن العظيم الذي اتّخذتموه مهجوراً فاتّقوا الله واتّبعوا ذِكر الله إن كنتم تعقلون، تصديقاً لقول الله تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖأَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿١٦﴾ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٧﴾ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ﴿١٩﴾ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴿٢٠﴾ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ﴿٢١﴾ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿٢٢﴾ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴿٢٣﴾ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٢٤﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فإذا كان المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني في ضلالٍ مُبين حسب فتوى الجاهلين، إذاً قد أصبح كافّة الرُّسل على ضلالٍ مبين، أفلا تعقلون؟ وذلك لأنّ دعوة المهديّ المنتظَر جاءت مُطابقة لدعوة كافة الأنبياء والمرسَلين أن اعبدوا الله إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوا الحَقّ من ربّكم وتنافسوا على حُبّ الله وقُربه واقتدوا بكافة رسل الله من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليهم وآلِهم الطيّبين أجمعين ولا تُفرّقوا بين رسل الله جميعاً لأنّهم جميعاً شيعةٌ واحدةٌ يدعون الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
فإن كنتم تحبّون الله فاتّبعوهم وتنافسوا على حبّ الله وقُربه يُحببكم الله، وأمّا رُسل الله فأحبّوهم في الله فلا تعظّموهم بغير الحَقّ فهم ليسوا أبناء الله وأحباءه من دونكم حتى تتركوا الله حصريّاً لهم ليتنافسوا على حُبّه وقربه أيُّهم أقرب؛ بل اتّبعوهم إن كنتم تحبّون الله فتنافسوا على حُبّ الله وقربه كما يفعل رسل الله إليكم، ولم يكن الله حصريّاً لهم من دونكم سبحانه أفلا تعقلون؟ إنّما هم عبادٌ أمثالكم يتنافسون على حُبّ الله وقربه فاقتدوا بهُداهُم إن كنتُم تُحبّون الله يُحبِبْكُم الله ويقرّبكُم، وإنّما هم عباد أمثالُكُم، لكم في الله من الحَقّ ما لهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٩٤﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
فكيف تدعونهم من دون الله وترجون شفاعتهم بين يدي الله؟ ألا والله لا يتجرّأون أن يشفعوا لكم شيئاً، فلا ينبغي لهم أن يسبقوا الله بالقول بطلب الشفاعة؛ بل لله الشفاعة جميعاً تصديقاً لقول الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿٢٦﴾ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿٢٧﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿٢٨﴾ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
ويا معشر المسلمين والناس أجمعين، هذه سبيل المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم أدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له على بصيرةٍ من ربّي القرآن العظيم، فهل ترون أنّكم إذا اتّبعتم المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني فإِنّه سوف يضِلّكُم عن الصراط المستقيم؟ ولكنّي والله الذي لا إله إلا هو لا أعلم بصراطٍ مستقيمٍ في الكتاب غير صراطٍ واحدٍ وهو الصراط إلى عبادة الله وحده لا شريك له ربّي وربّكم، فإن أبَيتُم فلن أتّبع سُبلَكم فتفرّق بي عن سبيل ربّي وربّكم الله ربّ العالمين، فإن أبيتُم فسوف أقول لكم ما أمر الله به جدّي من قبلي أن يقوله لمن أعرضوا من قبلكم: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّـهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [هود].
ويا عجبي من أُمّةٍ يقولون إنّهم مسلمون وبكتاب الله مستمسِكون وها هو المهديّ المنتظَر قد بعثه الله بقدرٍ مقدور في الكتاب المسطور فيدعو النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك له فيتّبعون ذِكر الله إليهم القرآن العظيم، فإذا أوّل من يُكذِّب بدعوة المهديّ المنتظَر من البشر هم المسلِمون المؤمِنون بهذا القرآن العظيم فكانوا أوّل كافرٍ بالدعوة إلى اتّباع الذكر من البشر! فبِاللهِ عليكُم أليس هذا عجب العُجاب؟ فكيف لا تستحقّون العذاب؟ بل أصبحتُم أشدّ كُفراً ونفاقاً يا معشر الأعراب، فكيف أنّكم تزعمون أنّكم مؤمنون بهذا القرآن العظيم وبِهِ مستمسِكون ومن ثم يأمركم إيمانكم أن تكونوا أوّل كافرٍ بِه، والقرآن رسالةٌ من الله إلى العالمين فما تريدون أن أقول للكافرين بهذا القرآن العظيم من البشر الذين يقولون: "يا من يزعم أنّهُ المهديّ المنتظَر خليفة الله على البشر ويدعو البشر إلى اتّباع الذِّكر، فكيف تُريدنا أن نُصدّق دعوتك بعبادة الله وحده فنتّبع الذِّكر وأول كافر بدعوتك قومك الأعراب؟ فلم نجد حتى عالِماً واحداً من علمائهم المشهورين أو مُفتيي ديارهم أعلن الاتّباع لدعوتك برغم أنّك تُحاجّهم بالكتاب الذي هم به مؤمنون أنّه محفوظٌ من التّحريف! فإن كنت صادقاً يا من يزعم أنّه المهديّ المنتظَر ناصر محمد، فلماذا لم يُصدّقك الأعراب - قومك الأمّة الوسط - فلم يتّبعوا بصيرتك؟ إذاً لا حجّة علينا نحن الأجانب إن لم نتّبعك.
وأما العذاب الذي تعِدُنا به من عند الله لئن لم نُجِب دعوتَك فنتّبع الذِّكر، فنقول لك إذا كنتَ صادقاً فلن يعذّب الله قُرانا وحدنا نحن الكافرون بهذا القرآن العظيم بل كذلك سوف يُعذّب مع قُرانا كافة قُرى المسلِمين لأنّ مثلَهم مثلَنا ولا فرق بيننا وبينهم شيئاً فهم معرضون عن دعوتك إلى اتّباع الذِّكر كما نحن معرضون عنه نحن الكافرون، وسبب إعراضنا عن اتّباعه نحن الكافرون لأنّنا أصلاً به كافرون ولا نعلم أنّه كتابُ الله الحَقّ من عنده كما يزعم نبيّكم المزعوم محمدٌ رسول الله بل نحنُ كذلك به كافرون وبالقرآن العظيم في نظركم".
ومن ثم يَرُدّ عليه الله الواحد القهار مباشرةً، فيقول: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
وأمّا المهديّ المنتظَر فيقول: يا أيّها الكافر بِالقرآن العظيم يا من لم يزدك المسلمون إلا كفراً إلى كفرِك يا من تُحاجّني على الماسنجر بأنّ أوّل من كفر بدعوة المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني إلى اتّباع الذّكر هم المسلمون، ثم يردّ الله عليك مباشرةً، وقال الله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴿٨١﴾} صدق الله العظيم [النمل]، إذاً المُسلِمون الذين تحاجّني بأنّهم أوّل من كفر بدعوتي فهم ليسوا بِمسلِمين، ألا والله لا يستجيب إلى دعوة المهديّ المنتظَر إلى اتّباع كتاب الله القرآن العظيم إلا من كان مسلماً لربّ العالمين مُتّبعاً الذِّكر من ربّه القرآن العظيم، فاعلم يا هذا إِنّه لم يبقَ من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه المحفوظ بين أيديهم، وأفتيك بالحقِّ أنّ شياطين البشر قد ردّوهم من بعد إيمانهم كافرين بالذِّكر الحكيم ولم يبقَ من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه المحفوظ من التحريف بين أيديهم، وأنّه قد أصبح مثلهُم كمثلِكُم، لأِنّهُم بالغوا بغير الحَقّ في محمدٍ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - وأئمّة آل بيته فهم يدعونهم من دون الله! ألا والله لو يقول الإمام المهديّ يا معشر علماء المسلمين إنّي المهديّ المنتظَر آمركم أن تُنافِسوا محمداً رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - أيّكم أقرب إلى الله منه لنال المهديّ المنتظَر غضب كافة علماء المسلمين وأتباعهم فيقولون: "يا ناصر محمد اليماني إنّك كذابٌ أشرٌ ولست المهديّ المنتظَر، فكيف تريدنا أن نُنافس سيّد الأنبياء والمرسَلين وخاتم النّبيّين؛ من أرسله الله إلى الناس أجمعين محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فتُريدنا أن نُنافسه في حُبّ الله وقُربه فإنّنا بدعوتك كافرون ولِما تدعو إليه مُنكرون ولن يتّبعك إلا الغاوون وإنّنا نحن المسلمون عليكم غاضبون يا من تريدون أن تُنافسوا نبيّنا في حُبّ الله وقربه فلا يحقّ لأحدٍ من المسلمين أن يُنافس محمداً رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - في حُبّ الله وقربه، فإذا كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد اتّخذه الله خليلاً فعليكم أن تعلموا أنّ الله قد اتّخذ محمدًا رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - حبيباً فهو حبيب الله عليه الصلاة والسلام وآله، فلا يحقّ لمسلمٍ أن يُنافس محمداً رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - علّه يكون أحبّ إلى الله وأقرب؛ بل هو شفيعنا يوم الدين يوم يقوم الناس لربّ العالمين، فاذهب يا ناصر محمد اليماني إلى الجحيم أنت ومن اتّبعك، فلستُم على الصراط المستقيم ولا من أتباع محمدٍ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - حبيب ربّ العالمين ما دمتم تُنافسون الأنبياء والمرسَلين في حُبّ الله وقربه ولن يُحببكُم الله أبداً حتى تتّبعوا محمداً رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، أم لم تتدبّروا قول الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [آل عمران]؟".
ومن ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني وأقول: بالله عليكم يا معشر علماء المسلمين أعيدوا على مسامعي هذه الآية، ثم ينطقون بها جميعاً وبلسانٍ واحدٍ موحّدٍ، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم، ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر ويقول: فهل قلتم إنّ الله قال: {قل إن كُنتم تحبّون محمد رسول الله فاتّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم}؟ ثم يُقاطع المهديّ المنتظَر كافّة علماء المسلمين فيقولون وبلسانٍ واحدٍ موحّدٍ: "اتّقِ الله يا ناصر محمد اليماني فنحن لم نقل ذلك بل قلنا لك قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم". ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر ويقول: فهل ترون إنّكم اتّبعتُم محمداً رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - الذي يدعُوكم إلى التنافُس في حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه، أفلا تتّقون؟ فوالله الذي لا إله إلا هو لا تنالون محبة الله حتى تتّبعوا محمداً رسول الله صلى الله عليه وآلهِ وسلم فتقتدوا بهديه فتنافسوا مثله في حُبّ الله وقربه فتبتغوا إلى الله الوسيلة وهي أعلى درجة في الجنّة وهي أقرب درجة إلى ذات الرحمن لأنّها مُلتصقة بعرش الرحمن ويفوز بها أحبّ عبدٍ وأقرب عبدٍ إلى الله ربّ العالمين من عباده المتنافسين في حُبّه وقربه ويفوز بها الأقرب إليه منهم جميعاً ولذلك يتنافسون عليها أيّهم أقرب تصديقاً لقول الله تعالى: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
ولم يجعل الله ابتغاء الوسيلة إلى الله حصريّاً للأنبياء والمرسَلين سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، فهل تدرون لماذا؟ وذلك لأنّه سبحانه لو يجعل ابتغاء الوسيلة إليه حصريّاً للأنبياء والمرسَلين؛ إذاً لأصبح مُحرّماً عليكم التنافس في حُبّ الله وقربه أيّكم أقرب؛ لأنّ الوسيلة هي أقرب درجةٍ إلى ذات الرحمن؛ لأنّها بأعلى جنّة النعيم وملتصقة بعرش الرحمَّن، وذات الله سبحانه مستوٍ على عرشه العظيم ولن يفوز بِها إلا عبدٌ واحد من بين عباد الله أجمعين ولم يُفتِ الله أنبياءَه ورُسلَه وأتباعَهم من هو هذا العبد، والحكمة من ذلك لكي يستمر التنافس في حُب الله وقربه من عبيده أجمعين أيّهم أحبّ وأقرب، تصديقاً لقول الله تعالى: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
ولم يجعل الله التنافس على الوسيلة حصريّاً لأنبيائه ورسله من دون المؤمنين، سبحانه! فكيف يأمركُم بالإشراك بعد إذ أنتم مؤمنون أنّه الله لا إله إلا هو ربّ العرش العظيم وحده لا شريك له وأنّ كلّ من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً؟ بل هُم عبادٌ أمثالكُم مؤمنون بربّهم ولكُم مِن الحَقّ في ربّكم ما لهُم لأنّهم عبادٌ أمثالكم، ولذلك يأمركم الله أن تُنافسوهم فتبتغوا إليه الوسيلة فتجاهدوا في سبيله أيّكم أحبّ وأقرب، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وبما أنّ المهديّ المنتظَر بُشّر بها فأنفقها لجدّه، ولكنّي لا أعلم هل أعطاه إيّاها أم أعاد عِلمها إلى العبد المجهول ليستمر التنافس؟ وأمّا سبب رفض المهديّ المنتظَر للفوز بالوسيلة وذلك لأنّي أريدُ النعيم الأعظم منها وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، فوالله الذي لا إله غيره لا تساوي لديّ الوسيلة إلى النعيم الأعظم شيئاً ولذلك تُسمّى بالوسيلة أي الوسيلة إلى تحقيق الغاية؛ النعيم الأعظم مِنها وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ حتى يهدي الناس كُلّهم أجمعين رحمةً بعبده الذي حرّم على نفسه أعظم درجةٍ في نعيم جنات النعيم ودعا ثبوراً، وليس ثبوراً واحداً بل ثبوراً كثيراً بل أعظم من دعاء فرعون ولكنّ فرعون دعا ثبوراً كثيراً هو وقومه وجميع الكافرين لأنّهم في الجحيم، فلماذا المهديّ المنتظَر خليفة الله على الملكوت يدعو ثبوراً بل يقول أنّه سوف يدعو ثبوراً أعظم من ثبور فرعون لو لم يحقّق الله له النعيم الأعظم من الملكوت كُلّه فيكون الله راضياً في نفسه.
فلربّما يود أن يقاطعني أحد عُلماء الأمَّة فيقول: "فلنفرِض أنّك صادقٌ يا ناصر مُحمد اليماني وإنّ الله سوف يؤتيك الخلافة كما آتاها أبانا آدم من قبل - عليه الصلاة والسلام - فكيف يدعو ثبوراً من كان خليفة لله؟". ثم يردّ عليه المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم وأقول: لأنّي أُحبّ الله أكثر من ملكوته أجمعين فكيف تريدني أن أستمتع بالخلافة وأتبوأ من جنّته حيث أشاء رغداً وأنا أعلمُ أنّ الله ليس سعيداً في نفسه بسبب ظلم عباده لأنفسهم من الذين كذّبوا برُسل ربّهم بدعوتهم إلى كلمةٍ سواءٍ بين عباد الله أجمعين، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبودَ سواه فكذّبوا بدعوة رسل ربّهم جميعاً إلا قليلاً ثم أهلكهم الله بسبب كفرهم بربّهم وأدخلهم ناره من غير ظلمٍ ولكن أنفسهم يظلمون، وقال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿١٣﴾ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴿١٤﴾ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴿١٦﴾ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴿٢٢﴾ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴿٢٤﴾ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
ويا إخواني المسلمين بالله عليكم انظروا لقول الله أرحم الراحمين في نفسه بعد أن يُهلك عباده المُعرضين عن عبادة الله وحده لا شريك له فأعرضوا عن دعوة رسل الله إليهم جميعاً إلى عبادة الله وحده لا شريك له ثم يُهلكهم الله من غير ظلمٍ ولا يظلم ربّك أحداً، وبرغم ذلك يقول في نفسهِ قولاً لا يسمعهُ حملة عرشه ولا كافة الملائكة المسبّحون وإنّما علّمتُكم به في مُحكم كتابه فيقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.
فكيف تريدون المهديّ المنتظَر أن يهنأ بالنعيم والحور العين حتى ولو كان خليفةٌ لله ربّ العالمين؟ اللهم أنّي أعيذ نفسي بعظيم نعيم رضوان نفسِك من أن يفتنِّي نعيم ملكوت الدنيا والآخرة عن تحقيق الهدف من خلق عبادك، فما خلقتهم من أجل ملكوت الدنيا والآخرة ولا من أجل ملكوت جنات النعيم والحور العين، هيهات هيهات.. سبحانك وتعاليت علوّاً كبيراً، فقد أخبرت الإنس والجنّ جميعاً عن الهدف الوحيد من خلقهم وجعلت الفتوى في محكم كتابك يُدركها عالِم الأُمّة وجاهلها، وقال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٥﴾ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
فيا أحباب الله من عباده يا من يحبّون الله أشدّ حُبّاً من حُبّهم لِرُسل الله ويحبّون أنبياء الله ورُسله محبّةً في الله ويحبّون عباد الله من أجل الله، يا من يحبّون في الله ويبغِضون في الله يا أحباب الله إنّي المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم سألتكُم بالله العظيم الغفور الودود كيف تستطيعون أن تهنأوا بالنعيم والحور العين وقد أخبرتكُم ما يقوله الرحمن في نفسه بسبب المُعرضين عن دعوة الرُّسل من ربّ العالمين، فأنكر كثيرٌ من عباد الله كلمة التوحيد، وقال الله تعالى: {ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿١﴾ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴿٢﴾ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴿٣﴾ وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿٤﴾ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴿٥﴾ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴿٦﴾ مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ﴿٧﴾ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي ۖ بَل لَّمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ﴿٨﴾ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴿٩﴾ أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖفَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ ﴿١٠﴾ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ ﴿١١﴾ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ ﴿١٢﴾ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ۚ أُولَـٰئِكَ الْأَحْزَابُ ﴿١٣﴾ إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ﴿١٤﴾ وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ﴿١٥﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [ص].
ثم يهلكهم الله بسبب إعراضهم عن الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له ثم تأخذهم الصيحة بالحقِّ من غير ظلمٍ من ربّهم ورغم ذلك يقول في نفسه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم. فكيف تريدونني أن أهنأ بالخلافة؟ فأفًّ لها فلن أقبلها حتى يحقّق الله لي النعيم الأعظم منها فيكون الله راضياً في نفسه لا مُتحسّراً على عباده الذين ظلموا أنفسهم.
إذاً يا قوم الآن تبيّن لكم سرّ المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم الذي سوف يهدي الله الناس من أجله فيجعلهم أمةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ يعبدون الله لا يشركون بهِ شيئاً، ولا يزالون مختلفين فلم يجعلهم الأنبياء والمرسلون أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم بل لا يزالون مُختلفين، فريقاً هدى الله وفريقاً حقّت عليه الضلالة وقال الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [الأعراف:30].
ولكنّ الله سوف يجعل الناس أمّةً واحدةً على صِراطٍ مستقيمٍ رحمةً بالمهديّ المنتظَر الذي لو لم يهدِ الله الناس جميعاً فسوف يدعو ثبوراً كثيراً؛ بل أعظمُ من دعاء الثبور لكافة الكافرين جميعاً، وقد يستغرب الذين لا يعلمون من قولي هذا، فكيف يدعو المهديّ المنتظَر ثبوراً كثيراً وهو المهديّ المنتظَر خليفة الله وليس كافراً في نار جهنّم؟ وقال الله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴿١١﴾ إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴿١٢﴾ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴿١٣﴾ لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الفرقان]. فلماذا المهديّ المنتظَر يدعو ثبوراً؟ فماذا أصابه وما خطبه وماذا دهاه؟
ثم يجيب عليكم المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّكم وأقول: يا قوم إنّي أعبد نعيم رضوان نفس الله عليّ وعلى عباده وليس رضوان الله عليّ فحسب، إذاً لأصبح وسيلة لتحقيق نعيم الجنّة؛ بل أريد الله أن يكون راضياً في نفسه وذلك هو نعيمي الأعظم ولن أرضى بغيره بديلاً، وأقسمُ بمن رفع السبع الشداد وثبّت الأرض بالأوتاد الله ربّ العباد أرحم الراحمين أنّي على استعداد على أن أفتدي بعوضةً بما فوقها من الملكوت كُلّه من أجل تحقيق النعيم الأعظم، وذلك لأنّ الأمم من البعوضة فما فوقها جميعهم عباد الله، وقال الله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
فلو هدى الله كافة الأُمم ما يدبُّ أو يطير إلا بعوضةً واحدةً وجعل الله عبده خليفة له على ملكوت كُلّ شيء من البعوضة فما فوقها إلا بعوضةً واحدةً قال فذرها تتعذّب في نار جهنم إلا أن تفتديها بملكوت كُلّ شيء بما فوقها من الأمم من ملكوتُ ربّك ما يدبُّ أو يطير الذي استخلفك عليه، فما ظنّكم بالمهديّ المنتظَر؟ فوالله الذي لا إله غيره ولا معبودَ سواه أنّي لا أتردّد شيئاً بل سوف أفرح فرحاً كبيراً وأكبّر ربّي تكبيراً فأنفق الملكوت كُلّه إلى من يشاء ربّي مقابل أن ينقذ هذه البعوضة.
وهُنا تصيب الناس الدهشة، فكيف ذلك؟ وماذا في هذه البعوضة من السرّ حتى يفتديها المهديّ المنتظَر بالوسيلة المُعلّقة بسدرة المنتهى فما دونها إلى الثّرى! ثم يردّ عليهم المهديّ المنتظَر وأقول: يا أخي في حُبّ الله، وما عساني أفعل بالبعوضة، فما قيمتها؟ بل والله إنّها لمن أكره الحشرات لدى المهديّ المنتظَر لأنّها توقظني من مضجعي وتؤذيني فتمرضني بالملاريا، ولكنّه لن يتحقّق النعيم الأعظم إذا ظلّت البعوضة في نار جهنم، فسوف يظلّ ربّي أرحم الراحمين مُتحسّراً على هذه البعوضة التي ظلمت نفسها وكانت من الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صُنعاً، فهل علِمتُم كم مدى إصرار المهديّ المنتظَر على تحقيق الهدف من الخلق فيكون الله راضياً في نفسه؟ ولن يكون الله راضياً في نفسه حتى يُدخِل كُلّ شيء في رحمته وفي ذلك سرّ المهديّ المنتظَر الذي يقصده الله بالمثل المضروب في القرآن العظيم في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖوَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وفي ذلك سرّ المهديّ المنتظَر في الكتاب الذي يهدي بهِ الله الناس أجمعين ما دون الشياطين الذين علموا أنّه المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربهم فكرهوه ويريدون أن يطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون، ثم يجعل الله الناس أمةً واحدة على صراط مستقيم، فهل تدرون لماذا؟ إنّما ذلك رحمةً بعبده المهديّ المنتظَر الذي لو لم يحقّق له الله النعيم الأعظم فسوف يدعو ثبوراً كثيراً أعظمُ من دُعاء الثبور للذين ظلموا أنفسهم، ولذلك سوف يرحم الله عبده المهديّ المنتظَر فيهدي الله الناس جميعاً فيجعلهُم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم، فهل تدرون لماذا؟ والجواب تجدونه في الكتاب، لماذا هدى الله الناس جميعاً في عصر بعث المهديّ المنتظَر وذلك رحمةً بعبده المهديّ المنتظَر وفي ذلك سرّ البعث الأول للذين كذّبوا بآيات ربّهم من الأُمم جميعاً ليجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [يونس:99].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾} صدق الله العظيم [هود]. ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه فما يقصُد الله بقوله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} وتجدون الجواب في محكم الكتاب: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [الأعراف:30].
ثم يأتي سؤالٌ جداً هامٌ وعظيمٌ، فهل سوف يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ؟ وفي أيّ زمنٍ؟ ومن ثم تجدون الجواب في مُحكم كتاب الله أنّه سوف يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ في زمن بعث المهديّ المنتظَر فيهدي الله الناس أجمعين رحمةً بالمهديّ المنتظَر الذي حرّم على نفسه جنّة النعيم حتى يتحقّق النعيم الأعظم منها ثم يتحقّق الهدف من خلقهم بتحقيق هدف المهديّ المنتظَر الحَقّ من ربّهم؛ عبد النعيم الأعظم، وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم [هود:118- 119].
والبيان الحَقّ لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} صدق الله العظيم، وذلك في زمن بعث كافة الأنبياء والمرسَلين من أوّلهم إلى خاتم مِسكهم محمد رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - فلا يزالون مُختلفين تصديقاً لقول الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم. ثم يتبيّن لكم القول الفصل وما هو بالهزل {إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم. وذلك في زمن بعث المهديّ المنتظَر الذي يهدي الله من أجله الناس أجمعين رحمةً بالمهديّ المنتظَر فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ ثم يتحقّق الهدف من خلقهم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم.
ألا والله لقد أصبح شأن المهديّ المنتظَر جليّاً في القرآن العظيم يا من يزعمون أنّ القرآن لم يذكر المهدي المنتظر، يا من تقولون على الله ما لا تعلمون، فلو تنظرون في التفاسير لأئمّتِكم فتُقارِنوا بينها وبين بيان المهديّ المنتظَر للقرآن بالقرآن لوجدتم أنّ الفرق لعظيم كالفرق بين الظلمات والنور، فهل تستوي الظلمات والنور؟ وقال الله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ﴿١٩﴾ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ﴿٢٠﴾ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴿٢١﴾ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [فاطر].
فاتّقوا الله وارحموا أنفُسَكَم وارحموا إمامكم يرحمكُم الله، اللهم اغفر لهم فإنّهم لا يعلمون، وبصِّرهم بالحقّ بحقّ لا إله إلا أنت وبحقّ رحمتك التي كتبت على نفسك وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسك، فأنت ربّي الحَقّ ووعدك الحَقّ وأنت أرحم الراحمين.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين ..
خليفة الله الذليل على المؤمنين الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_____________