اقتباس المشاركة 5300 من موضوع تدبَّروا يا أولي الألباب تفسير هذه الآية بحديثٍ مُفترًى ..

- 3 -
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
24 - محرم - 1430 هـ
21 - 01 - 2009 مـ
11:57 مساءً
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )

[ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
https://mahdialumma.net./showthread.php?p=472
____________


بيان التّمييز بين آيات القرآن المحكمات أمّ الكتاب عن المتشابهات ..


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وخاتم النّبيين وآله الطاهرين والتّابعين للحقّ إلى يوم الدّين، وبعد ..

يا معشر الأنصار كونوا شهداء على نسيم وكافة علماء السُّنة وقولُهم هو نفس قول نسيم، ونقتبس لكم من بيانه هذا القول:

اقتباس المشاركة :
(ولا يعلم تفسير الكتاب إلا الله، وما جعله الله لغير رسوله سيدنا محمد يفسره ويفصله، ليس كما يشتهي في نفسه بل كما يحب الله أن يفسره، ولا يعلم تأويله إلا الله)
انتهى الاقتباس
وهذا القول ليس قول نسيم وحده؛ بل قول كافة علماء السُّنة مُتَّفقين عليه بأنَّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلا الله، وبما أنَّ السُّنة جاءت بيانًا للقرآن؛ فقالوا حسبنا ما وجدناه في سنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك يُسمّون أنفسهم بأهل السُّنة.

وإني أدعوهم لنحتكم إلى القرآن العظيم، فإن صدَق قولهم بالحقّ بأنَّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلا الله ولذلك يستمسكون بالسّنة وحدها سواء اتفقت مع القرآن أو اختلفت فقد صدَقوا، وإن لم يقل الله إنه لا يعلم بتأويل القرآن إلا هو فقد كذبوا على ربّهم، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا؟ ذلك لأنّ الله لم يقل ذلك أنه لا يعلمُ بتأويل القرآن إلا هو؛ بل المتشابه فقط، ولم يجعل الله آيات الكتاب المتشابهات الحجّة عليكم نظرًا لأنه لا يعلمُ بتأويله إلا هو سبحانه، ولكن الله جعل عليكم الحجّة آيات القرآن المحكمات هُنّ أمّ الكتاب الذي أمركم الله أن تتَّبعوا آيات القرآن المحكمات وأن لا تتَّبعوا ظاهر المتشابه من القرآن والذي لا يعلم بتأويله إلا الله، ولم يجعله الله الحجّة عليكم، بل حجّة الله عليكم هي آيات القرآن المحكمات هُنّ أمّ الكتاب، فأمّا الذين في قلوبهم زيغٌ عن الحقّ الواضح والمُحكَم فسوف ينبذهنّ وراء ظهره فيتّبع المتشابه ابتغاء البرهان لأحاديث الفتنة وابتغاء تأويله، ولا يعلم بتأويل المتشابه من القرآن إلا الله، ويُعلِّمه لمن يشاء من عباده، ولم يجعل الله متشابه القرآن هو الحجّة عليكم أبدًا، بل آياته المحكمات الواضحات هُنّ أمّ الكتاب، ومن زاغ عن مُحكَم القرآن واتّبع المتشابه ففي قلبه زيغٌ عن الحقّ المُحكم البيِّن، وقال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧} صدق الله العظيم [آل عمران].

فكيف تحرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه وتقولون إنه لا يعلم تأويل القرآن إلا الله؟! وذلك لكي تتمسكوا بالسُّنة وحدها وحسبكم ذلك سواءً اتّفقت مع مُحكَم القرآن أو اختلفت! ولا ترجعون للقرآن إلا لتفسير الآيات المُتشابهات والتي لم يجعلها الله الحجّة عليكم؛ بل آياته المحكمات أمّ الكتاب وليست المتشابهات التي لا يعلمُ بتأويلهنّ إلا الله، وذلك لأنّ الآيات المتشابهات تختلف في ظاهرها عمّا جاء في آيات القرآن المُحكمات، فإذا تركتم المُحكَم واتّبعتم المتشابه هلكتم وفي قلوبكم زيغٌ عن الحقّ البيِّن في آيات أمّ الكتاب، أفلا تعقلون؟!

ويا معشر الباحثين عن الحقّ، إني الإمام المهديّ الحقّ من ربّكم وسوف أفصّل لكم بإذن الله كيف تعلمون آيات القرآن المُحكَمات التي جعلهنّ الله أمّ الكتاب وأمركم باتّباعهنّ، وأمركم بالإيمان بالمُتشابِه الذي لا يعلمُ تأويله إلا الله، وكلٌّ من عند ربنا مُحكمه ومتشابهه وسنّة رسوله الحقّ، وأمركم الله بالاستمساك بمُحكَم القرآن وسنة محمد رسول الله الحقّ التي لا تخالف لمُحكَم القرآن، ولم يأمركم الله بنَبذ سُنة نبيّه وراء ظهوركم بل أمركم بالاستمساك بمُحكَم القرآن والسُّنة النّبويّة إلا ما خالف لمُحكَم القرآن العظيم، وعلّمكم الله أنَّ ما خالف لمُحكَم القرآن العظيم فإن ذلك من عند غير الله، ولكنكم تفترون على الله يا معشر السُّنة والشيعة وتقولون يا معشر أهل السُّنة: "إنَّ القرآن لا يعلم تأويله إلا الله ومحمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنّ حسبكم الاستمساك بالسُّنة النّبويّة لأنها جاءت بيانًا للقرآن"، وقال معشر الشيعة: "إن القرآن لا يعلمُ بتأويله إلا الله ورسوله والراسخون في العلم عترة محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم"، وأن حسبهم ما ورد عن آل البيت وعن رسول الله، ولذلك ضللتم يا معشر السُّنة والشيعة عن سواء السبيل وذلك لأن الله لم يعدكم بحفظ أحاديث محمدٍ رسول الله من التحريف والتزييف، فكيف بأحاديث أئمة آل البيت؟

وأُقسم بالله الواحد القهّار الذي يُدرك الأبصار ولا تُدركه الأبصار، لأخرسنَّ ألسنتكم بمُحكَم القرآن العظيم عمّا جاء في آياته المحكمات أمّ الكتاب حتى لا تجدوا في صدوركم حرجًا مما قضيتُ بينكم بالحقّ وتُسلِّموا تسليمًا إن كنتم مؤمنين، وأمّا إذا تركتم الآيات المُحكمات أمّ الكتاب فاتّبعتم المتشابه من القرآن فقد هلكتم، لأنّ أعداء الله سوف يضعون لكم أحاديثَ تتشابه بالضبط مع ظاهر هذه الآيات التي لا يعلمُ تأويلها إلا الله ولم يجعلها الله حجّته عليكم، بل أنتم لم ترجعوا أصلًا للقرآن إلا إلى آياته المتشابهات نظرًا لأنهنّ أعجبنكم لأنهنّ تشابهن في ظاهرهنّ للمُفترى الذي بين أيدِيكُم.

ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار وكافة الباحثين عن الحقّ، إني الإمام المهديّ الحقّ من ربّكم سوف أُعرِّف لكم كيف تُميّزون آيات القرآن المُحكمات أمّ الكتاب عن آياته المتشابهات، فإنكم سوف تجدون بينهنّ اختلافًا وليس في آيات الله اختلافٌ شيئًا، وإنما الآيات المتشابهات تخالف لمُحكَم القرآن في ظاهرهنّ وتأويلهنّ غير ما جاء في لفظهنّ الظاهري، ولذلك لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله.

ولسوف أضرب لكم على ذلك مثلًا في عقيدة رؤية الله، وآتي بالآيات المُحكمات في هذا الشأن، ومن ثمّ آتيكم بالمُتشابهات اللاتي تخالف للمُحكمات في ظاهرهنّ ولكن تأويلهنّ غير ما جاء في ظاهرهنّ لو كنتم تعلمون، ونبدأ بالآيات المُحكمات في نفي العقيدة برؤية الله جهرةً:
1- وقال الله تعالى: {بَدِيعُ السموات وَالأرض ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ له وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن له صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كلّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿١٠١﴾ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ ربّكم ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كلّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٠٢لَّا تُدْرِ‌كُهُ الْأَبْصَارُ‌ وَهُوَ يُدْرِ‌كُ الْأَبْصَارَ‌ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ‌ ﴿١٠٣﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].

2 - قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ‎﴿١٤٣﴾} ‏صدق الله العظيم [الأعراف].

3 - وكذلك بيّن الله أنه ما كان لبشر أن يُكلِّمَه الله جهرةً، وقال الله تعالى: {۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ‎﴿٥١﴾‏} صدق الله العظيم [الشورى].

4 - وكذلك بيّن الله إنه لا يُكلّم النّاس يوم القيامة جهرةً بل من وراء حجابٍ، وبيَّن لكم حجابه يوم القيامة أنه يُكلم النّاس من وراء الغَمام وهو حجاب الربّ سبحانه، وقال الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ‎﴿٢١٠﴾‏} ‏صدق الله العظيم [البقرة].

ومن ثمّ نأتي الآن للآيات المتشابهات في هذا الشأن، ولكننا سوف نجدهنّ عكس المُحكَم في ظاهرهنّ، غير أن تأويلهنّ غير ما جاء في التشابه اللغوي في ظاهرهنّ.

1 - قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ‎﴿٢٢﴾‏ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} صدق الله العظيم [القيامة].

2 - قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ‎﴿١٥﴾‏ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ‎﴿١٦﴾‏} صدق الله العظيم [المطففين].

فأمّا المُحكَم فهو مُحكَمٌ، وجعله الله واضحًا بيِّنًا يتكلم عن العقيدة برؤية الله بالنفي المُطلَق في نفس وقلب الموضوع؛ ظاهرهنّ كباطنهنّ لا يزيغ عمّا جاء فيهنّ إلا من في قلبه زيغٌ عن الحقّ فيتَّبع المتشابه الذي يخالف للمُحكَم في ظاهره، ولكن تأويله غير ظاهره، ولذلك لا اختلاف ولا تناقض في القرآن العظيم، وإنّي على بيان الآيات المُتشابهات لقديرٌ بإذن الله العليّ القدير من يُعلّمني بذلك، ولكني أعلم أنّ الحجّة قد جعلها الله في المُحكَم الذي أغناه الله عن تأويل ناصر محمد، فلا يزيغ عن مُحكَم القرآن إلا من كان في قلبه زيغٌ فيتَّبع المتشابه الذي يخالف عن المُحكَم في ظاهره ويختلف في تأويله، فأمّا المُحكَم فلا ترونه يحتاج لبيانٍ، ولكني سوف آتيكم بالبيان للمتشابه وذلك لكي أبيّن لكم أنه لا تناقض في القرآن كما يزعم الكافرون بالقرآن العظيم.

1 - قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَ‌ةٌ ﴿٢٢﴾ إِلَىٰ ربّها نَاظِرَ‌ةٌ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [القيامة].

والتشابه اللفظي
{نَاظِرَةٌ}، ولكن الله يقصد الانتظار لرحمة الله وليس النظر إلى ذات الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥٤} صدق الله العظيم [الأنعام].

بمعنى أنهم منتظرون لرحمة الله،
وذلك لأنّ التأويل الحقّ لناظرة هو مُنتَظِرة، ولذلك قالت ملكة سبأ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴿٣٥} صدق الله العظيم [النمل].

وليس ذلك قياسًا وإنما لفهم كلمة ناظرة؛ هل بالإمكان أن تأتي بمعنى منتظرة؟ وذلك لأنه لا ينبغي أن يكون هناك تناقضًا بين القرآن العظيم، فلا بدّ أنّ بيانها غير لفظها الظاهري المختلف مع المُحكَم ولكنه لا يخالفه في التأويل، فتبيّن لكم أنّ الوجوه الصالحة ناظرة إلى رحمة الله وليست ناظرة إلى ذات الله سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، وانظروا إلى الوجوه الأخرى فتجدون أنها لا تنتظر لرحمة الله بل تظنّ أن يُفعل بها فاقرة، وقال الله تعالى:
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿٢٤تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴿٢٥} صدق الله العظيم [القيامة].

إذًا وجوهٌ ظنُّها في الله أن ينالها برحمته فهي ناظرةٌ لرحمة ربها، وأمّا الباسرة فظنُّها في الله أنه سوف يفعل بها فاقرة، فما السبب؟ وذلك لأنّ الباسرة محجوبةٌ عن معرفة ربّها أنّه أرحم الراحمين، ولا يزال حجابهم عن معرفة الحقّ على قلوبهم، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].

أولئك قلوبهم محجوبةٌ عن معرفة ربّهم وما قدروه حقّ قدره، ولذلك يسألون ملائكته خزنة جهنّم من دونه، وقال الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ ﴿٤٩قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗوَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿٥٠} صدق الله العظيم [غافر].


فانظروا للتعليق الحقّ على دُعائهم من ربّهم وهو قوله تعالى:
{وَمَا دعاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} صدق الله العظيم، وذلك لأنهم يدعون غير الله فيلتمسون الرحمة عند عباده الذين هم أدنى رحمة من أرحم الراحمين ولذلك لم يجدوها، ولكن انظروا للذين دعوا ربّهم من أهل الأعراف فاستجاب لهم، وقال الله تعالى: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٤٧} [الأعراف]، ومن ثمّ انظروا لردِّ الله عليهم: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴿٤٩} صدق الله العظيم [الأعراف].

إذًا يا إخواني إنما الحجاب على القلب، وهذا الحجاب هو ذاته الذي كان على قلوبهم في الدُّنيا عن معرفة ربّهم، وقال الله تعالى:
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴿٤٥} صدق الله العظيم [الإسراء].

وذلك لأنّ الذين لا يعلمون سوف يتَّبعون هذه الآية، قال الله تعالى:
{كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴿١٥ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴿١٦} صدق الله العظيم [المطففين].

فَيُظَنُّ أنَّ الصالحين ليس بينهم وبين ربّهم حجاب ولذلك يُشاهدونه، وإنما الحجاب عن ربّهم للكافرين ومن ثمّ يستدل بهذه الآية المتشابهة:
{كَلَّا إِنَّهُمْ عَن ربّهم يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثمّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم، فيتّبع المتشابه ويذر المُحكم في هذا الشأن.

ولكني أبشّركم برؤية نور الله من وراء الغَمام يوم القيامة، وقال الله تعالى:
{وَأَشْرَ‌قَتِ الأرض بِنُورِ‌ ربّها وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بالحقّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٩﴾ وَوُفِّيَتْ كلّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

ولكن هذا النور يشعُّ من وجه الله من وراء الغمام، تصديقًا لقول الله تعالى:
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا ﴿٢٥الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴿٢٦وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧} صدق الله العظيم [الفرقان].

وما هو الغمام الذي تشقق به السماوات؟ وإليكم الفتوى الحقّ أنه حجاب وجه الله سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، تصديقًا لقول الله تعالى:
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّـهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٢١٠} صدق الله العظيم [البقرة].

إذًا يا معشر علماء الأمّة إني أُحذركم كما حذَّركم الله أن تتّبعوا المتشابه من القرآن الذي لا يعلم تأويله إلا الله ويُعلِّم به من يشاء، وتذرون المُحكَم الواضح والبيّن من آيات أمّ الكتاب وهُنّ حجّة الله عليكم لو كنتم تعلمون، ومن اتّبع المتشابه والذي لا يعلمُ تأويله إلا الله ويَذَر المُحكَم الواضح والبيّن من آيات أمّ الكتاب فليعلم أنّ في قلبه زيغٌ عن الحقّ وقد ضلّ عن سواء السبيل، وذلك لأنّ المُفترين سوف يستغلون الآيات المتشابهات فيأتون بأحاديثَ تتشابه مع المُتشابِهة في ظاهرها بالضبط، إذًا أين التأويل؟ وذلك لأنّ من المفروض أن الحديث يأتي ليفسرها لنا كمثل قول الله تعالى:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿٢٢إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿٢٣} صدق الله العظيم [القيامة]، ومن ثمّ يوضع حديثٌ بمكرٍ وافتراءٍ عن محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنه قال: "سوف ترونَ ربّكم يوم القيامة جلياً كما ترون البدر لا تُضامون في رؤيته"
، ومن ثمّ يزعم الجاهلون أنّ هذا الحديث جاء تأويلًا لقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿٢٢إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿٢٣} صدق الله العظيم، إذًا أين التأويل؟ فإذا حَكمنا على ظاهرها فسوف نتَّبع هذا الحديث المتشابه مع ظاهرها بالضبط، ولكن المُحكَم لكم لبالمرصاد لأنه يأتي يتكلم في نفس الموضوع وينفي هذا الحديث جُملةً وتفصيلًا ويختلف معه اختلافًا كثيرًا، وإنما لجأوا للقرآن للمتشابه فقط وليس للمُحكَم؛ بل أعجبهم من القرآن المتشابه فيبتغونه برهانًا لحديث الفتنة ويبتغون هذا الحديث تأويلًا لهذه الآية المتشابهة، ولذلك قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧} صدق الله العظيم [آل عمران].

ولكني أُشهدُ الله إني أدعوكم وأحاجّكم بمُحكَم القرآن العظيم والذي لم يجعله الله بحاجة للتأويل؛ واضحٌ وبيِّنٌ ظاهره كباطنه، فهل أنتم مُتّبعون؟ وإن ظللتم تتَّبعون ما خالف لمُحكَم القرآن من السُّنة يا معشر علماء السُّنة فلن تجدوا لكم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا بعد أن جاءكم التفصيل من ربِّكم، وكذلك أنتم يا معشر علماء الشيعة فإن ظللتم تتَّبعون لما يخالف من روايات العِترة عن مُحكَم القرآن فلن تجدوا لكم من دون الله وليًّا ولا نصيرًا.

ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار والباحثين عن الحقيقة بلّغوا بياني هذا لمعشر السُّنة والشيعة لعلَّهم يتَّقون وبشّروهم أنَّ الله قد ابتعث الإمام المهديّ إليهم بالبيان الحقّ للقرآن العظيم ويُحاجِجهم بمُحكم القرآن العظيم ويحكم بينهم في جميع ما كانوا فيه يختلفون، فيستنبط الحكم الحقّ بينهم من مُحكَم القرآن وعدًا علينا بالحقّ بإذن الله ربّ العالمين، المُعلِّم لعبده ونعم المُعلِّم ونعم المولى ونعم النّصير، وأخبروهم إنَّ مذهب آبائي شافعيٌّ سُنّيٌّ، ولكني أعلن الكفر بالتعدديّة المذهبيّة جُملةً وتفصيلًا مستمسكًا بكتاب الله وسنّة رسوله الحقّ، ومِن أتباع محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولا أعلمُ بنبيٍّ ولا رسولٍ من بعد محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حتى أكون من أتباعه، ولذلك جعل الله في اسمي خبري وعنوان أمري
(ناصر محمد)، ولذلك تَرون اسمي في رايتي لأنّ الله جعل في اسمي حقيقةً لأمري (ناصرًا لما جاءكم به محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي ذلك تكمن حكمة التواطؤ للاسم محمدٍ في اسمي في اسم أبي، وذلك لأني لستُ مُبتدعًا بل مُتَّبِعًا لمحمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأدعو على بصيرةٍ من ربّي وهي ذاتها بصيرة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كتاب الله وسنّة رسوله الحقّ، تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨} صدق الله العظيم [يوسف].

ويا نسيم، أرجو من الله أن يهديك إلى الصراط المستقيم فتكون من السابقين الأنصار الذين صدّقوا بالبيان الحقّ للقرآن صفوة البشريّة وخير البريّة الذين صدَّقوا في عصر الحوار من قبل ظهور المهديّ المنتظَر على كافة البشر بكوكب سقر في ليلةٍ وهم صاغرون.
وسلامُ الله عليك يا نسيم ورحمةٌ من لدنه وبركاته، وأستحلفك بالله أن لا تُصدّقني حرجًا مِنّي ما لم ترَ أنّ ناصر محمد اليماني ينطقُ بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ لله ربّ العالمين ..

الإمام المبين، الداعي إلى الصراط المستقيم، الذليل على المؤمنين، العزيز على الكافرين، ناصر محمد اليماني.
______________


اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..