الحمد لله رب العالمين
وسلام على كافة المرسلين
هناك من خاض في آيات الله تعالى بغير حق ولاعلم
وقرأ الآيات بمزاجه وهواه
فقد يلتبس عليه الفهم لما يقرأ آيات يفيد ظاهرها معنى ويقرأ أخرى
يفيد ظاهرها معنى مختلفا وأحيانا مناقضا
لذا ارتأى كثير من المتكلمين أن تجاوز هذا المشكل يكون برد المتشابه
من الآيات إلى المحكم لكن ما حصل بعذ ذلك أن من اعتبره فريق محكما
اعتبره الفريق الآخر متشابها وتاه الفهم في تأويلات شتى أحيانا متناقضة لا تبلغ الى
المأمول ، وحتى يفتح الله من نور الفهم لعباده ومن اختصهم برحمته .
فقوله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) الآية ،
وقوله تعالى ( اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيد) الآية ، وقوله تعالى ( كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الآية
قد يراها العقل متناقضة مع قوله تعالى ( ان الله على كل شيء قدير ) الآية ، أو قوله تعالى
(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الآية ، فيفهم منها بغير حق ولا علم أن الله قد يظلم
وماكان الله ليظلم أحدا بل ملكه
قائم بمنتهى عدله ورحمته بالناس لكن هم ما قدروا الله حق قدره .
فأقول : فيا سبحان الله ومتى كان للعقل سطوة غير التمييز
والادراك بيقين ، وهو الذي أَمَّنََنا من ذلك ضرورةُ المعرفة التي قد وضعها الله تعالى في نفوسنا،
كمعرفتنا أن ثلاثة أكثر من اثنين، وأن المُميِّز مُميِّز، والأحمق أحمق، وأن النخل
لا يحمل زيتوناً، وأن الحمير لا تحمل جمالاً، وأن البغال لا تتكلم في النحو والشعر
والفلسفة، وسائر ما استقر في النفوس علمه ضرورة ، و يبقى السؤال المطروح
هل العقل يستطيع أن
يخوض في هذه المسائل دون استلهام من نور الكتاب الحق ؟ والجواب هو لا
لأن العقل انما هو ضمان لليقين ومتى كان للعقل القدرة والخوض في معرفة ملكوت العدل
والرحمة الالهية بدون نور من الكتاب وما بينه بحق في آياته المحكمات ، لذا نجد
في آيات الله عمقا من رحيمية مزكاة ، كقوله تعالى
(وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) الآية
فهو سبحانه ينبهنا برحمته الشديدة أن لا نعبد الا اياه ولا نتخذ من دونه أربابا
لأن ذلك قد يؤدي الى عواقب وخيمة يتأذى منها البلاد والعباد .
وفي كتاب الله أنوار عظيمة من أمثال ما ذكرت و تدل على رحابة ملك عظيم علي وكبير عامر بأنوار
الرحمات بما هو مسطور بعلمه بحكمته وعنايته وواسع رحمته لغايات معلومة لا تدركها عقولنا
وهي بحق لا يعلمها الا العالمون بكمال رحمة بما وسع الله بعدله ورفيع قدره وملكه العظيم
قال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو
العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) الآية ، فسبحانك ربنا
فلا علم لنا الا ما علمتنا .