الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 04 - 1431 هـ
09 - 03 - 2010 مـ
09:39 مساءً
ــــــــــــــــــــــ
ردود الإمام على العضو ناجي: الحجاب هو على القلب فمنعهم عن معرفة ربهم الحقّ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
وسلامُ الله عليك أخي ناجي ورحمة الله وبركاته، وأعجبني الآن جدالك بالقرآن، إلا إنّك تُحاجّني بالمُتشابه من القرآن ابتغاء إثبات حديث الفتنة الموضوع لرؤية الله، ولكن يا أخي الكريم أفلا تعلم لو لم يكن الحديث مُتعارضاً مع آياتٍ محكماتٍ هُنّ أمّ الكتاب لما أنكرته شيئاً؟ وإنّما سبب إنكاري هو للحديث أو الرواية التي تأتي تتشابه مع آياتٍ وتختلف مع أخرى، وهنا أعلم أنه حديثٌ موضوعٌ لا شك ولا ريب، وذلك لأنّ السنّة النّبويّة إنما جاءت لتزيد القرآن بياناً وتوضيحاً وليس لتخالف شيئاً منها أبداً، وعليك أن تعلم أنّ ما كان من الأحاديث مفترى من عند غير الله ورسوله فذلك حتماً ستجد بينه وبين محكم القرآن اختلافاً كثيراً، ولكنّ من الأحاديث ما تجده يتشابه مع آياتٍ ويختلف مع أخرى فكذلك هو موضوعٌ فتنةً للمؤمنين عن اتِّباع الآيات المُحكمات هُنّ أمّ الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آلعمران:٧].
ومن الآيات المُتشابهات هذه الآية التي أوردها لنا (ناجي) ويراها في ظاهرها برهاناً في رؤية ذات الله سبحانه، وهي قول الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴿١٦﴾ ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿١٧﴾ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴿١٨﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴿١٩﴾ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴿٢٠﴾ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴿٢١﴾} صدق الله العظيم [المطففين].
وكلمات التشابه هي في قول الله تعالى: {عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} صدق الله العظيم، فما هو الحجاب المقصود بالضبط يا (ناجي)؟ فهل يقصد الحجاب عن أعين الوجه أم يقصد الحجاب عن القلب؟ فارجع إلى الآيات المحكمات وسوف يفتيك الله بالحقّ أنّه يقصد حجاب القلب عن معرفة قدر ربهم، فلا يزالون في حجابٍ عن معرفة الله كما كانوا في الدنيا ولذلك فلن تجدهم يسألون الله رحمته لأنهم من رحمة ربهم يائسون، وذلك لأنهم لم يعرفوا الله سبحانه وهم في الدينا؛ ما قدروه حقّ قدره وكذلك هم في الآخرة عن ربهم لمحجوبون، ولذلك لن يسألوه رحمته. وقال الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٧٢].
وذلك لأنّ الحجاب الذي على قلوبهم الذي منعهم أن يُبصروا الحقّ فلا يزال على قلوبهم في الآخرة. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٢﴾ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٥٣﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
فهل وجدتهم يدعون ربَّهم؟ بل وجدتهم يبحثون عن شفعاءٍ ليشفعوا لهم بين يدي الله، أفلا يعلمون أنّ الله هو أرحم الراحمين لو سألوه بحقّ رحمته لأجابهم ولما أنكر أنّه حقاً أرحم الراحمين؟ ولكنهم مكانهم في عقيدة شفعائهم بسبب الحجاب الذي على قلوبهم عن معرفة ربهم الحقّ. وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} صدق الله العظيم [يونس:٢٨].
إذاً الحجاب الذي أعماهم عن معرفة ربهم الحقّ لا يزال على قلوبهم. وقال الله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴿٤٥﴾ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿٤٦﴾ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴿٤٧﴾ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٤٨﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
إذاً الحجاب هو على القلب فمنعهم عن معرفة ربهم الحقّ، وهو ذلك الحجاب على قلوبهم في الآخرة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا} صدق الله العظيم [الإسراء:٧٢].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴿١٦﴾ ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿١٧﴾ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴿١٨﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴿١٩﴾ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴿٢٠﴾ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴿٢١﴾} صدق الله العظيم [المطففين].
ونصيحتي لك أخي الكريم أن تتّبع آيات الكتاب المحكمات وأن لا تتّبع ظاهر الآيات المُتشابهات اللاتي تجد ظاهرهنَّ يخالف للآيات المحكمات ويتشابه مع رواياتٍ. فاعلم إنّما تلك الرواية فتنةٌ موضوعةٌ فجعلها الشياطين تتشابه مع آياتٍ لا تزال بحاجة للراسخين في علم الكتاب ليأتونكم بتأويلها بإذن الله وذلك لأنّ ظاهرها غير باطنها، وتذكر قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آلعمران:٧].
فلماذا تتبعون المتشابه الذي تشابه مع رواية الفتنة الموضوعة برغم أنكم تجدون أنّ رواية الفتنة تخالف آياتٍ محكماتٍ بيِّنات في قلب وذات الموضع ظاهرهنَّ كباطنهن؟ كمثال قول الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} صدق الله العظيم [الأعراف:١٤٣].
وهنا يتساءل السائلون، فلماذا قال الله لنبيِّه موسى {لَنْ تَرَانِي} صدق الله العظيم؛ فهل يقصد الله لن تراني في الدُنيا أم إنّه يوجد هناك سببٌ آخر؟ ومن ثم يتبيّن لكم أنّ السبب هو عظمة ذات الله العظيم لا يتحمل رؤيته إلا شيءٌ مثله يساويه في العظمة الذاتية سُبحانه وتعالى علوّاً كبيراً! ولكن الله أفتى موسى لئن تحمّل الجبل العظيم رؤيتي فسوف تراني، وذلك لأنّ الله قادرٌ أنّ يجعل نبيّه موسى مساويّاً لعظمة الجبل، ومن ثم يتحمل رؤية الله، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} صدق الله العظيم [الأعراف:١٤٣].
ولكنّ هذا متوقفٌ على ثبوت الجبل على رؤية عظمة ذات الله فانظروا وتعالوا لننظر للنتيجة سوياً في محكم كتاب الله. وقال الله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} صدق الله العظيم [الأعراف:١٤٣]. إذاً الجبل لم يستقر مكانه، إذاً فلن يرى ربَّه نبيُّ الله موسى عليه الصلاة والسلام وذلك لأنّه لن يتحمل رؤية عظمة ذات الله إلا شيءٌ يساوي الله سبحانه في عظمة ذاته وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وتعالوا لننظر ماذا حدث لنبي الله موسى من بعد تجلّي ذات الله للجبل العظيم. وقال الله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:١٤٣].
صدق الله العظيم؛ فانظروا لقول نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام الذي سبَّح ربَّه أن يتحمل رؤية ذاته إلا شيئاً مثله من بعد أن نظر إلى البُرهان المبين بما حدث للجبل العظيم فلم يتحمل رؤية ذات الله وهو جبلٌ عظيمٌ، فأدرك موسى أنه لن يتحمل رؤية ذات الله إلا شيءٌ مثله، ولكنه يعلم أن ليس كمثل ربه شيءٌ حتى يتحمل رؤيته، ومن ثم تاب وأناب و تراجع عن طلبه برؤية ذات ربه من بعد أن أراه الله عن سبب عدم رؤية ربه، وقال: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم.
فتدبّر وتفكّر في هذه الآيات المُحكمات البيِّنات هُنّ أمّ الكتاب في قلب وذات الموضوع للفتوى عن عدم رؤية الله. وقال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:١٤٣].
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يا معشر المؤمنين تتركون آياتٍ محكماتٍ بيّناتٍ في قلب وذات الموضوع وتتّبعون آياتٍ مُتشابهاتٍ قد لا يأتي التشابه إلا في كلمةٍ أو اثنتين في آيةٍ طويلةٍ؟ ولكنّ المحكم مفصلٌ تفصيلاً في قلب وذات الموضوع.
ويا ناجي اتّقِ الله أخي الكريم، فقد عرَّف الله لكم صفاته وقال لكم : {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} صدق الله العظيم [الأنعام:١٠٢]؛ بمعنى فلا يضلّكم من اختلفت صفاته عن تلك الصفات. وقال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿١٠١﴾ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٠٢﴾ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿١٠٣﴾ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴿١٠٤﴾ وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿١٠٥﴾ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٦﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ويا ناجي، فهل ممكن أن يكون لله ولدٌ أو صاحبةٌ في الآخرة سبحانه؟ أليست الصفة أنّها لا تُدرك ذاتَه أبصارُ خلقه حتى أبصار الجبال العظام وبصر كُلّ شيءٍ لا تُدركه أبصار خلقه أجمعين؛ أليست هذه الصفة لعدم رؤية ذات الله سُبحانه جاءت من ضمن صفات في هذه الآيات المحكمات؟ فلماذا تمّ تغييرها من قبل الشياطين؟ وذلك لأنهم إذا لم يستطيعوا فتنتكم عن هذه الصفة فكيف إذاً يستطيع المسيح الكذاب الذي سيدّعي الربوبية أن يفتِنكم وهو يكلِّمكم جهرةً؟ ولذلك فتنوكم عن محكم الكتاب أن تتّبعوا آيات الكتاب المحكمات هُنَّ أمّ الكتاب وأعرضتم عنهم وكأنّكم لم تسمعوا بهنّ قط واتّبعتُم الآيات المُتشابهات مع رواية الفتنة برغم إنّكم لَتعلمون أنّ رواية الفتنة جاءت مخالفةً لآياتٍ محكماتٍ بيِّناتٍ هُنّ أمّ الكتاب في قلب وذات الموضوع.
إذاً الذين يتّبعون المتشابه إنّما يبتغون البرهان لرواية الفتنة ولا يهمّهم اتّباع القرآن لأنّه حسب فتواهم لا يعلم بتأويله إلا الله! وإنّما أعجبتهم تلك الآية المُتشابهة نظراً لأنّها تشابه ظاهرها مع روايةٍ وهي موضوعةٌ فتنةً لهم عن المحكم وهم يعلمون، ولذلك قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آلعمران:٧]. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام المبين ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــ