02 - ربيع الثاني - 1431 هـ
18 - 03 - 2010 مـ
03:00 صباحًا
( بحسب التقويم الرّسمي لأمّ القُرى )
______
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلين، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعَالَمِينَ..
أخي محمد العربي وكافة الأنصار السابقين الأخيار المُبلِّغين بالبيان الحقّ للقرآن العظيم إلى العالمين، السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته، وبالنسبة إلى أمر التَّبليغ فإنّما أريد أن تبلِّغوا البيانات التي تجدونها مُفصلةً تفصيلًا لأنّ بعضًا مِنها لم نُفَصِّل فيها إلّا قليلًا كمثل بيان الليلة لأنّنا لم نَجِد ردًّا مِن (يسوع1)، ولا نزال ننتظِر علماء النّصارى فهل سوف يجيبون الإمام المهديّ الداعي إلى الاحتكام إلى مُحكَم كتاب الله القرآن العظيم؟ ولا أظنّهم سيجيبون دعوة الداعي إلى الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم حتى يتّبع المهديّ المنتظَر أهواءهم، وأعوذُ بالله أن أتّبع أهواء الذين خالفت أهواؤهم لِما جاء في مُحكَم كتاب الله القرآن العظيم سواءً كانوا مِن النّصارى أو من اليهود أو مِن المُسلمين المُعرِضين عن الدعوة إلى الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم.
ولا يزال المهديّ المُنتظَر يدعو علماء المسلمين وأمَّتهم خمس سنوات وهو يناديهم عبر الإنترنت العالميّة فلم يستجيبوا لدعوة الاحتكام إلى كتاب الله ليحكُم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون نظرًا لأنّه يُخالِف لِما بين أيديهم مِن أحاديثَ ورواياتِ الشّيطان الرَّجيم المُفتراة على الله ورسوله على لسان أوليائه مِن شياطين البشر الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكُفر، ولذلك أعرض علماء المسلمين عن الدعوة إلى الاحتكام إلى كتاب الله حتى يتَّبِع المهديّ المنتظَر أهواءهم التي بين أيديهم مِن الأحاديث المُفتراة في السُّنة النبويّة بنسبة تسعين في المائة، وكذلك النّصارى سوف يُعرِضون عن الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم حتى أتَّبِع ما يخالف لمُحكَم كتاب الله القرآن العظيم، ويريدون أن يجعلوا الإنجيل هو المُهيمن ولكنهم يعلمون أنّه غير محفوظٍ مِن التّحريف ولهم مِئات الأناجيل وليس كتاب واحد! حسبي الله ونعم الوكيل.
وأرى النتيجة سوف تكون هي ذاتها كما فَعَل علماء المُسلمين المُعرضين عن الدعوة إلى الاحتكام إلى كتاب الله لمدة خمس سنوات والإمام المهديّ يُناديهم بالاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم فأبوا وقالوا أنّهم هم من يصطفي خليفة الله من دونه سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا! فمِنهم مَن اصطفاه قبل أكثر من ألف سنةٍ وآتوه الحُكم صبيًّا أولئك هم أشدّ كفرًا بالمهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم، ثم يليهم في الكُفر أهل السُّنة والجماعة الذين حرَّموا على المهديّ المنتظَر أن يُعَرِّفَهم بشأنه فيهم وقالوا إنّهم هم مَن يقولون له إنّك أنت المهديّ وكأنّه مكتوب على جبينه المهديّ المنتظَر كما كتبوا على جبين المسيح الكذّاب، وذلك لأنّهم قومٌ لا يفقهون كيف يُفَرِّقون بين المسيح الكذّاب والمسيح الحقّ وكذلك لا يُفَرِّقون بين المهديّ المنتظَر الحقّ والمهديّين المُفترين مِن قبل؛ بل أرادوا أن يُبَدِّلوا اسم المسيح الكذّاب باسم المسيخ وذلك لأنّهم لا يعلمون لماذا يُسمَّى في الروايات الحقّ باسم المسيح الكذّاب وينتظرون المسيح الكذّاب يأتي يقول لهم أنّه المسيح الكذّاب أو إنّهم سيجدون على جبينه مكتوبًا المسيح الكذّاب! فأيّ علماء أنتم؟! فبئس العلماء مَن أضلّوا أنفسهم وأضلّوا أمّتهم، ولكنّ المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم أفتاهم بالحقّ بأن المسيح الكذّاب أولًا ليس بأعورٍ ولا مكتوب على جبينه كافر؛ بل سوف يقول أنّه المسيح عيسى ابن مريم وأنّ الله مُتجسدٌ فيه وأنّه هو ذات الله سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، ولذلك اقتضت الحكمة من عودة المسيح الحقّ عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى أمّه الصدّيقة القدّيسة الطاهرة العفيفة الشريفة التي برَّأها الله تعالى مِن الزور والبهتان الذين يفترون عليها وما مَسَّها بشرٌ؛ بل كلمة من الله ألقاها إلى مريم (كُن) فكان المسيح عيسى ابن مريم بقدرة الله كن فيكون، وليس أنّ ذات الله تَنَزَّل سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا! فما أعظم افتراءكم يا معشر الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، ألا والله أنّي لم أجد في الكتاب أظلم مِمَّن افترى على الله كذبًا، وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿٩٣﴾} صدق الله العظيم [الأنعام:93].
فَلِمَ تقولون في دينكم بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئًا وتتّبعون افتراء الشياطين الذين يصدونكم عن اتّباع هذا القرآن العظيم؟ فلِمَ أنتم معرضون عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم؟ ولِمَ تَكذِبون على أنفسكم أنّكم به مؤمنون يا معشر المسلمين؟ أفلا ترون النّصارى كذلك يريدون المهديّ المنتظَر أن يتّبع أهواءهم فتكون حجّته الإنجيل؟ أفلا يعلمون أنّه لم يبقَ من التّوراة والإنجيل إلا الاسم وتمّ تبديل أكثرهم كذلك بنسبة تسعين في المائة أو أكثر مِن ذلك كما تمّ تبديل سُنَّة محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وبقي القرآن العظيم شامِخًا ومُهيمنًا بالحقّ لم يستطيعوا أن يحرفوا فيه كلمةً واحدةً؟ اللهم لك الحمد حمدًا عظيمًا يليق بعظيم نعيم رضوان نفسك أن حفظت لنا القرآن العظيم من التّحريف والتّزييف، فكم أحبك ربّي وأحب كتابك القرآن العظيم ربيع قلبي فيه ينشرح صدري وهو نور السبيل إلى ربّي يهدي إلى صراط العزيز الحميد، وأُعاهد الله العليُّ العظيم الذي يحيي العظام وهي رميم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّي لن أعتصم بما خالف لمُحكَم القرآن العظيم في شيء حتى لو اجتمع على ما يخالفه كافة الجنّ والإنس لَمَا سلكت طريقهم، ومن ثم أقول لهم: لكم دينكم وليَ دين، لا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنّا لله وإنا إليه لراجعون.
فإني أرى ربّي قد أعمى بصيرتكم عن الحقّ وأصمّكم مِن غير ظلمٍ منه، فكيف ألزمكم بالقرآن العظيم وأنتم له كارهون يا معشر علماء المسلمين؟! فبالله عليكم هل ترون فرقًا بينكم وبين هؤلاء في قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّـهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [آل عمران]؟
أفلا ترون يا معشر علماء المسلمين أنَّكم حذوتم حذوَهم فاتّبعتم ملّتهم ولذلك يدعوكم الإمام المهديّ إلى الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم فإذا أنتم عنه معرضون إلّا مَن رحم ربّي من الأنصار السابقين الأخيار، أليس الحُكم لله وهو خير الفاتحين؟ فكَم أخشى عليكم من حَرْب التناوش مِن مكانٍ بعيدٍ بسبب اقتراب كوكب سَقَر التي لن تأتيكم إلا بغتةً فتبهتكم والنّصارى واليهود لأنّكم جميعًا على مِلَّةٍ واحدةٍ، ولو لم تكونوا على ملةٍ واحدةٍ إذًا لاستجبتم لدعوة الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم، ولو لم يصبح المسلمون والنّصارى واليهود جميعًا على ملةٍ واحدةٍ لَما شمل عذاب الله كافة قرى اليهود والنّصارى والمسلمين مِن الذين عظَّموا أنبياءهم بغير الحقّ فجعلوهم شُفعاءهم عند الله وتركوا التنافس إلى الرحمن حصريًّا لأنبيائه من دون الصالحين ولن يستطيعوا أن يكشفوا الضرّ عنكم ولا تحويلًا. تصديقًا لقول الله تعالى: {ربّكم أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴿٥٤﴾ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿٥٥﴾ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴿٥٦﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ ربّك كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نحن مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾ وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
فما هو العذاب المَسطور في الكتاب الذي يشمل قُرى النّاس جميعًا؟ والجواب تجدونه في مُحكَم الكتاب في قول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴿١٥﴾ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [الدخان].
وتلك هي آية التّصديق لخليفة الله الذي يدعوكم إلى كتاب الله القرآن العظيم فإذا المسلمون والنّصارى واليهود صاروا على ملّةٍ واحدةٍ ولم يجيبوا داعي الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم! فهل تعلمون لماذا لم يجيبوا دعوة الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم؟ وذلك لأنّ ناصر محمد اليماني يفتيهم أنّ المُنافسة إلى الربّ المعبود أيّهم أقرب هي لكافة العبيد في أرضه وسماواته ولم يجعل الله التنافس للأنبياء حصريًّا مِن دون الصالحين، إذًا لماذا خَلَق الصالحين؟ ليعبدوا من لو كانت عقيدتكم حقًّا؟ أفلا تتَّقون؟! فلماذا أنتم للحقّ كارهون؟ فمَن أحبّ مِن الله يا مسلمين؟ فمَن أحبّ مِن الله يا مسلمين؟ فمَن أحبّ مِن الله يا مسلمين؟ فَكَم أحبّك يا الله حُبًّا شديدًا ولذلك إنّي أشهدك أنّي مُنافس لجميع العبيد في حبك وقربك ونعيم رضوان نفسك حتى تكون أنت راضيًا في نفسك يا حبيبي يا الله، فمَن كان الله هو حُبّه الأعظم فقد فاز فوزًا عَظيمًا، فهل تدرون لماذا حرَّمتُ جنة ربّي على نفسي حتى يتحقق النّعيم الأعظم منها؟ وذلك لأنّي لا أستطيع بل والله الذي لا إله غيره أنّي لا أستطيع ولا أريد أن استمتع بنعيم الجنّة والحور العين وحبيبي الله متحسّر على عباده الذين ظلموا أنفسهم ويقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
ثم أقول: وكذلك عبدك يقول: يا حسرتي على النّعيم الأعظم، فكيف تريد عبدك أن يستمتع بالنعيم والحور العين وحبيبي حزين وليس سعيدًا في نفسه بسبب تحسره على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ فهل تدرون لماذا حسرة الله شديدة على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ ذلك لأنّ الله هو أرحم الراحمين، فوالله الذي لا إله غيره أنّي لم أجِد أرحم من ربّي أحدًا على الإطلاق، فَكَم يجهل قدره الذين ما عرفوه حقّ معرفته ويرجون الرحمة مِن الشفعاء دونه سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا.
ويا معشر المسلمين قَدِّروا الله حقَّ قدره فلا تحبّوا شيئًا أكثر منه سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، فهو الأهل للحبّ الأعظم، فتعالوا لأدلكم كيف تعلمون أنّ الله قال لبيكَ عبدي أو لبيكِ أمَتي وذلك حين تنادون الله فتقولون (يا حبيبي يا الله)، فحين ينظر لهذا النداء (يا حبيبي) فيجده يخرج من قلبِ مُغرمٍ بحُبّ الله ثم يقول الله لبيك عبدي أو لبيك أمَتي.
وأما كيف تعلمون أنّ الله قال لبيك عبدي أو لبيك أمَتي وذلك إذا كررتم هذا القول: (يا حبيبي يا الله)، ثم هاج بحر الحُب في القلب فذرفت أعينكم مِن الدَّمع فعند ذلك فاعلموا أنّ الله يقول لكم في تلك اللحظة لبيك عبدي أو لبيك أمَتي، فتشعرون بسكينة الرضوان والاطمئنان وانشراح الصدر وصلاح البال، فما أجمل ذكر الله خالصًا من غير أن تلبسوا إيمانكم بظُلمٍ فلا تدعوا مع الله أحدًا أبدًا إنّي لكم ناصحٌ أمين.
يا إخواني المسلمين ويا مَعشَر النّصارى توبوا إلى الله يرحمكم الله، فوالله الذي لا إله غيره أنّكم أغضبتم المسيح عيسى ابن مريم وأمّه صلّى الله عليهما وسلّم تسليمًا، ذلك لأنّ المسيح عيسى ابن مريم يعلم إنّما هو عبد لله و لرضوان الله وحُبّه وقربه، وكذلك الصدّيقة مريم التي كانت تخلو بنفسها لتستمتع بذكر الله فتتّخذ مِن دون النّاس حِجابًا عليها الصلاة والسلام لكي تُخاطب ربّها فتقول: فكم أُحبك يا الله يا حبيبي يا الله.
وكذلك أنتم يا معشر النّصارى انهجوا نهج المسيح عيسى ابن مريم ونهج أمّه ونهج محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ونهج المهديّ المنتظَر وتعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا جميعًا أن لا نعبد إلا الله ولا نُحِبّ شيئًا أكثر من الله ثم نتنافس في حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه فتجدون في النّعيم النعيم الأعظم من ملكوت الدنيا والآخرة وإنّا لصادقون. فلا تُعَظِّموا العبد حتى يُليهكم عن تعظيم المعبود واعلموا أنّ الله عزيزُ النفس فلا يقبل عبادةً فيها مثقال ذرةٍ مِن الشرك ألا لله الدّين الخالص، وقال الله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٣٠﴾ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٣١﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٦٣﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وقال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} صدق الله العظيم [البينة:5].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} صدق الله العظيم [النساء:125].
اللهُ أكبر ولله الحمدُ والشكر، ولكنّ المشركين لا يعلمون فقد يحصرون أخِلاّء الله إلى واحدٍ فيقولون أن خليل الله واحدٌ فقط وهو خليل الله إبراهيم وإنّهم لَمِن الخاطئين، ألا والله إنّ الله يَتَّخذ عبده الذي اتّبع مِلة إبراهيم كذلك يتّخذه الله خليلًا كما اتَّخذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكذلك يتَّخذ الله أمَته خليلة ولا يظلم ربّك أحدًا، فلماذا تحصرون الله لقلة قليلة مِن العبيد؟ إذًا لماذا خلقكم؟! أفلا ترون أنّ لكم حقّ في ربّكم كما لهم؟! ما لكم كيف تحكمون؟! بل الله ربّ إبراهيم ومحمد رسول الله وربّ المسيح عيسى ابن مريم وربّ المهديّ المنتظَر وربّ عبيده أجمعين.
ولكن تعالوا لأعلّمكم لماذا أراد الله أن يشهر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأنّه اتخذه خليلًا، فهل تدرون لماذا؟ فتعالوا لأعلمكم لماذا، وذلك لأنّ الله عفوٌّ يُحِبّ العفو وأراد الله أن يشهر حُبّه لنبيّه إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنه قال: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم [إبراهيم:36].
ولذلك وصَف الله خليله إبراهيم بالحليم، وقال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} صدق الله العظيم [هود:75].
فهل تعلمون ما يقصد بقوله تعالى { أَوَّاهٌ } أي متحسّر على النّاس كمثل تحسّر المسيح عيسى ابن مريم وتحسّر محمد رسول الله عليهم أفضل الصلاة وأتَمّ التَّسليم الذين يتّبعون ملّة إبراهيم الحقّ، أفلا ترون كيف كان إبراهيم يُجادل رسل الله من الملائكة حين قالوا إنّا مُهلكوا هذه القرية؟ فإذا خليل الله إبراهيم يجادلهم في قوم لوط، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [هود].
فانظروا لقول الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم، إذًا أوَّاه: أي متحسر على عباد الله فلا يريد أن يُهلكهم الله ويريد من الملائكة أن يرجعوا وهو سوف يذهب إليهم ليدعوهم ليلًا نهارًا حتى يهتدوا، ولكن ملائكة الرحمن قالوا: {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [هود].
وذلك لأنّ الله لا يخلف الميعاد وإنّما جاءهم العذاب استجابة لدعوة نبيّ الله لوط الذي لم يكَد أن يستطيع أن يَصبِر على تدميرهم حتى الصباح بل قال لملائكة الرحمن أن يهلكوهم فور وصولهم ثم ردّ عليه ملائكة الرحمن وقالوا: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴿٨١﴾} صدق الله العظيم [هود].
ولكن المهديّ المنتظَر لا يتحسّر على النّاس كمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهل تدرون لماذا؟ وذلك لأنّي علمت بحسرة مَن هو أرحم بعباده من عبده، الله أرحم الراحمين الذي يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾}صدق الله العظيم [يس].
ولكنّ الأنبياء قد ألْهَتهم حسرتهم على النّاس عن التفكّر في حسرة مَن هو أرحم بعباده منهم؛ الله أرحم الراحمين، وفي ذلك سر نجاح المهديّ المنتظَر الذي سوف يهدي الله به مَن في الأرض جميعًا فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ إنّ ربّي على كلّ شيءٍ قَدير.
فاستجيبوا لدعوة الحقّ يحيي الله قلوبكم ويشرح صدوركم ويصلح بالكم يا مَعشَر المسلمين والنّصارى واليهود، واعلموا أنّ ربّي غفارٌ لِمَن تاب وأناب، وتعالوا يا معشر المسلمين والنّصارى واليهود لنتّبع مِلة أبينا إبراهيم الذي جاء ربّه بقلبٍ سَليمٍ مِن الشرك بالله، وقال الله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٣٠﴾ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٣١﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلين، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعَالَمِينَ..
أخو المُخلصين لله عبد الله وخليفته الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_____________