وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ونعيم رضوانه يا خيفة الله على العالم بأسرِه، وتقَبَّل الله منكم ومن جميع الأنصار صالح الأعمال ورمضان مبارك عليكم وعلى جميع المسلمين في العالَمين ونصر من الله وفتح قريب، أمّا بعد..
ونقول: سبحان الله العظيم فكلَّما كتبت بيانًا نزداد منه علمًا وفهمًا، فلَكَم أُحِبّ قصص الأنبياء والصالحين وخاصّةً ما بيّنته في البيانات الأخيرة كمثل قصة يوسف وسجنه مرتين وما حدث معه بالتفصيل، وكذلك معجزات مريم الخارقة، وكذلك هذا البيان العظيم الذي نعلِِّق عليه.
فلَكَم أحببت أخلاق الصالحين (أبو موسى وأم هارون) إذ أنهم تزوجوا من أجل غاية سامية وهي تربية الأولاد والحفاظ عليهم من التيتم والتشتت، فلكم أعجبتني أخلاق هذا الرجل الذي تزوج من زوجة شقيقه حتى يحافظ على أولاد أخيه وفي نفس الوقت أعجبتني أخلاق زوجته الصالحة التي رزقها الله وأنعم عليها بموسى وهارون، فانظروا إلى غايتهم مِن أفعالهم، فتذكّرت أيضًا أخلاق رسول الله إبراهيم وزوجته عليهم الصلاة والسلام لما بشرته الملائكة بغلام ففرحت زوجته ظنًّا منها أن الله يريده أن يتزوج بغيرها ليرزقه بمولود! وكذك هو لم يتزوج بغيرها طيلة تلك السنين لينجب (وذلك على حد فهمي)! فعندما أنظر لتلك الأخلاق والغاية من الأفعال فأتعجب من أهل زماننا ومنهم مؤمنين ولكن لا يفقهون هذه الأخلاق فتفتتن المرأة بالرجل والعكس. انظروا الفرق!
المهم، وبما أنَّكم ذكرتم أن المرآة كانت صالحة يا إمامي فبالتالي استنتجنا أنها كانت مؤمنة وليست مشركة، فهل يا ترى كان يوجد إمام في عصرهم يبيِّن لهم آيات الله؟ ونعلم من البيانات القديمة أن موسى كان على أحد فرق دين يوسف عليه الصلاة والسلام الذين ظنوا - المصريّون - أن الله لن يبعث من بعده أحدًا تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ ﴿٣٤﴾} صديق الله العظيم [سورة غافر]. المهم أنه لعل أنه كان يوجد إمام في عصر أم موسى أو أنها كانت على دين يوسف بدون الشرك الذي يقع فيه الأحزاب تلك المرأة الصالحة.
وما فهمته واستنتجته أن الله رزق أم موسى وأباه بمولودهم موسى عليه الصلاة والسلام بعد سنين عددًا من زواجهم إذ أن غرض زواجهم كان لتربية أولادها وأولاد شقيقه لأنهم كانوا أطفالًا صغاراً كما قال الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام في البيان، ثم قام بتربيتهم الأب حتى كبروا وتزوجت البنت وأصبحت امرأة مرضع وأمّ وفي ذات السنة التي ولدت فيها أم موسى عليهم الصلاة والسلام الطفل موسى أي في ذات العام وقُتِل ابن المرأة المرضع.
وما فهمته أن الله سبحانه وضع أم موسى عليهم الصلاة والسلام في فتنة الشَكِّ، فبعد أن أوحى إليها أنها إذا خافت عليه فتلقيه في اليمّ فإذا هي وجدت التابوت عندما خافت عليه من القتل فعلمت أنه وحي تفهيم وليس وسوسة شيطان رجيم تصديقًا لقول الله تعالى: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ ﴿٣٨﴾ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ} صدق الله العظيم [سورة طه]، فمن بعد ذلك أعاد الله إليها ابنها لكي تعلم أن وعد الله الحق حتى إذا عاد إليها فكان درسًا لها فيزول الشَكّ باليقين تصديقًا لقول الله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾} صدق الله العظيم [سورة القصص]. بل كادت لتبدي به فتذهب وتقول لهم أنها أمه حتى ترضعه ببلاش، لولا أن ثبَّت الله فؤادها فأحكَم آياته لها.
وعلمنا أنَّ جَّد موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام من ذرية يوسف عليهم الصلاة والسلام كمثل يعقوب أبو زكريا وجَدّ يحيي عليهم الصلاة والسلام وكذلك عمران أبو يعقوب والذي هو أرفع منه درجة كونه إمامًا للكتاب؛ فهو ليس عمران أبو مريم كما تعلمنا من بيانات الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام؛ بل هو عمران الأكبر الذي ينتسب إليه الرجل الصالح يعقوب أبو زكريا؛ فصلوات ربي وسلامه على آل عمران المكرمين ومنهم مريم ابنة عمران بن يعقوب بن عمران؛ وينتسبوا جميعًا لذرية رسول الله يوسف عليه الصلاة السلام من بني إسرائيل (يعقوب الأكبر).
ويا لحسد ذرية الأسباط العشرة لإسرائيل! ومنهم التسعة الشر مكانًا ومن ذريتهم شياطين اليهود أعداء الدين، فسبحان الله العظيم! قتلوا الأنبياء بغير الحق وكل ذك حسدًا من عند أنفسهم إذ لماذا لم يبعث الله لهم من ذريتهم رسولًا، وكأن الأمر بالحسب والنسب! وسبحان الله العظيم، فتشابهت قلوبهم مع الذين لا يعلمون في عصرنا والله المستعان على ما يصفون.
وكنا نعلم من قبل من بيانات الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام أن حمل مريم وولادتها كان في ذات اليوم إذ أن تلك هي المعجزة، وأنه لم تكن المشكلة في تشكيك أهلها فأهلها يعلمون أنها لم تكن حاملًا فهم يرون بطنها فلذلك كانت المشكلة في قومها الذي لا يرون تفاصيل جسمها لأنها محجبة محتشمة فلا يعلمون أنها لم تكن حاملًا؛ أي أن المشكلة في قومها فوجب أن تتم برائتها أمام قومها، فأشارت إليه بعد أن أتت بها قومها تحمله فتكلَّم وبرّأها، ولكن ما فهمته أن قومها المقصودين هم كما وضح الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام: أبناء عمومتة آل عمران (آباء الحَواريِينَ).
وكنت أتساءل من قبل ذلك فعلًا لماذا بعث الله المسيح عليه الصلاة والسلام بالمعجزات؟ ألم تكن تكفي معجزة تكليمه في المهد؟
ولكن كنت أظن أن الإجابة أن المعجزات ليست سببًا للإيمان كمثل قوم موسى الذين كفروا بعد أن رأوا معجزة شق البحر ثم كفروا بالحق لأن المعجزات ليست سببًا للإيمان، لكن من الواضح أنه كان فهمي خاطئ.
وأنا معجَب بالتفصيل والتوضيح عن آباء الحواريين الذين آمن أبنائهم فيما بعد بالمسيح عليهم الصلاة والسلام وهم ذرية أخِ يوسف الحادي العشر.
وأمّا بالنسبة لقولكم في النهاية بالتأكيد على حدوث آيات التصديق فنحن مُصَدِّقون بإذن الله ونسأل من الله الثبات، وستكلمهم دابة الأرض من بعد وقوع العذاب عليهم، وقبله من العذاب الأصغر وآيات التصديق.
وكُلّ ما قلته هو من باب التدبّر وليس الفتوى إلا ما كان تم ذكره في بيان الإمام عليه الصلاة والسلام، فلا نفتي إلا بالذي أفتى به الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام وأعوذ بالله أن نقول ما لم يقله أو نسبقه بالقول، وإنما رأينا أن الإمام عليه الصلاة والسلام سجَّل متابعة فلذلك أحببنا الدردشة والتدبّر في أعظم كلام.. كلام الله سبحانه.
وسلامٌ على المُرسَلين والحمد لله رب العالمين.
أخوكم حسام تلميذ الإمام.