في وصفِ بعضِ مناقب الإمام المهدي ناصر محمد اليماني عليه السلام، ووصف حال الدنيا .
شعر : المهندس ماهر
ياعِطرَ قلبٍ أنتَ فيهِ الأطيبُ
في الصَّدرِ كالثمَدِ النديَّ يُرطِّبُ
مولايَ إنّ صفاءَ سَمْـتِكَ بالـغٌ
أنقى من الماءِ الزُلالِ وأعْذَبُ
مَن في سُويداءِ الفُؤادِ وجوفِهِ ؛
إلاكَ يَنبُتُ في رُباهُ ويَعْـشَبُ؟!
من ذاسِواكَ نَظَمتُ فيه مُقصِّداً؟!
فإليكَ أشعارُ المناقـِبِ تُكتَبُ
يا مَن دعوتُ لهُ السميعَ تَضرُّعاً
بالخيرِ من نـَعْمائِه لا تـُسلَبُ
يا جاعلاً مِن وجهِـِهِ لي بهْجَةً
أُروى بها من مَنـْبَعٍ لا يَنضَبُ
لكَ ذِروَةُ الخُلـُقِ الكريمِ فلم تزَل
في كلِّ يومٍ بالفضائلِ تَدأبُ
لكَ قد سما النَّسَبُ الرفيعُ مقامُه
نجْمٌ علا هُوَ في السماءِ مُركَّبُ
نـَسَبٌ عريقٌ بالشموخِ وَرِثتَهُ
فخْراً إلى نبعِ الأصالةِ تُنسَبُ
ولك اعتلى أسمى المراتب منزلٌ
بالمجدِ فيه سابغٌ تتخضَّبُ
خُضُبُ الوقار بوجنتيكَ مُضمَّخٌ
وسنا عيونِكَ بالتواضُعِ يَرحَبُ
ما شُوهِدتْ عيناكَ إلاَّ ظُنَّتا
ضوءً يروغُ مِن الظلامِ ويهرُبُ
ذلـَّتْ لكَ العلياءُ مِن أسْـفارها
وسَعَتْ اليكَ رِكابُها تتقرَّبُ
أكرِم بذي الكفِّ النَّدِيِّ فجودُهُ
كخِضَمِّ مُزْنٍ بالحَبا يتصَبَّبُ
مِنْ جُودهِ بحرُ الشـهامةِ زاخـِرٌ
وجوابُـهُ للسائلينَ مُرحَّبُ
وإذا نظرْتَ إلى الدؤوبِ بشاشةً
تلقى الرضا, مِن وَجْههِ لا تُرْهَبُ
لا تنظُرنَّ إلى عَبوسٍ جاهِمٍ
وانظرْ إلى مُتبسِّمٍ لا يغضَبُ
مَلأت سماحتُهُ العيونَ عُذوبةً
رجلٌ قريبٌ للقلوبِ مُحبَّبُ
إذ جاء يعرو وجهَهُ بـِشر إلى
قسَمَاتِهِ مُهَجُ الخلائقِ تـُجْذَبُ
جـَللاً لِمطـْلـَعِهِ فما عَجَـباً ترى ،
أُسُدُ الشَّرى مِن عَزْمِهِ تتهيَّبُ
هُوَ لي طريدَ الهمِّ عذبٌ وصلُهُ
كالنـهرِ طائـمُ وَجـْدِهِ لي مَشْـربُ
فاسلَمْ عظيمَ شمائلٍ وضَّاءَةٍ
لـم يُوتَها إلاّ نَبِِيٌّ صَيِّبُ
لكَ أضْرَمَتْ دُرَرُ القوافي جَرْسَها
وَقداً شواديها بلحنٍ يُطرِبُ
مولايَ هذي قصَّتي مَكلومةٌ
واللفظُ مِن وَخزِ العَنا مُشحَوحِبُ
إنِّي لقيتُكَ في المنامِ بِرؤيةٍ
تُسدي إليَّ النـُصْحَ ،لم تَكُ تَندُبُ
يا عبدُ دَعْ عنكَ الشِّكايةَ واحتَرِسْ ؛
مَن يشتكي كبَدَ الحياةِ سينصَبُ
كُن راغباً عمّـا بـها مُتيّقِّناً
أنَّ السكينةَ في الغِنى لا تُوهَبُ
كُن قانعاً بالرزْقِ فَهـْوَ مُقَدَّرٌ،
مَنْ عَيشُهُ بقناعةٍ لا يتعبُ
إنَّ الـزمانَ بسيرِهِ مُتوقِّدٌ،
كَبَداً إذا قُدُماً مضى يتلهَّبُ
فمتى اسْتدارَ بوجههِ عن طالبٍ
فقدِ انحنى طوْعاً لمن لا يَطلـُبُ
كم تُقلَبُ الأحوالُ بعد تمكُّنٍ !
وقلوبُ أهلِ الأرضِ كم تتقلَّبُ!
كُن في حياتِكَ مُدْبراً أو زاهداً
فلربما تصبو إليكَ وترغَبُ
كُن عابراً ومُسافراً مُتَعبِّداً ،
كُن ناسكاً بفعالهِ يترهَّبُ
كُن سالكاً درْبَ المعاليَ باذلاً ؛
إنَّ المعاليَ بالمُنى لا تُجلَبُ
كُن صادقاً بكلامِهِ وخِلالِهِ
فاللهُ يمْقُتُ كُلَّ مَرْءٍ يكذِبُ
كُن للعزيمةِ خيرَ من يجترَّها
إنّ العزيمةَ خَصْلةٌ تُسُتوْهَبُ
لا تلتمِسْ عِزاً يُنالُ بذِلَّةٍ ؛
فمنِ انتضى سيفَ الخُنوعِ سيُغلَبُ
حقاً هيَ الدُّنيا سرابٌ خـادعٌ
إذ كلمـا اقتربتْ لعينٍ تَجدِبُ
تبدو مُحبَّبةً وجنَّةَ ناظرٍ
تَصفو ليومٍ ثُم دَهراً تَصْخَبُ
وبِها الحياةُ كساعةٍ لـمّاحةٍ
عَسْراءَ ذابتْ في رحاها الأحْقُبُ
لنظلَّ مِن ضَنْكٍ وطُولِ مَرارةٍ
في العيشِ بين حُطامِها نتوثَّبُ
لا ُبدَّ للكُرَبِ الشِّدادِ نعيشُها
حيناً لتَصْقِلَ صَبْرَنا وتُهذِّبُ
فالعيشُ زرْعٌ والتَّصَبُّر رَيُّهُ
والزّرْع ُ إنْ لم يرتوي لا يُخصِبُ